2019مقالات الأهرام اليومى

البيوت الزراعية ومصر الحديثة

الأثنين 18 من ذي الحجة 1440 هــ
العدد 48468
تدهشنا مصر الرسمية، ونراها دوما لا تفقد الهدف، ولا تغيب عنها البوصلة والرؤية، منذ عودتها إلى الوجود رسميا، بعد أن أزاحت ركام الفوضى الذى بعث بحركة الإخوان المسلمين إلى الحكم فى مصر، فيما بعد عام 2011.

فرأينا فى اليوم الأول للعمل، بعد إجازة عيد الأضحى المبارك، افتتاح الرئيس السيسى البيوت الزراعية أو الصوب فى حضن إحدى أفضل وأقوى القلاع العسكرية الحديثة،(محمد نجيب)، على شاطيء المتوسط.

الصوب الزراعية من المشروعات التى تهدف إلى نقل وتحديث الزراعة، بل تصنيعها، والتى سوف تنتشر فى ربوع مصر، لتوفر غذاء صحيا للمصريين بكثرة، وبأسعار تتناسب مع دخولهم، كما ستحدث تناسبا سعريا، دقيقا وعادلا، وتحقق أرباحا للمنتجين ..صحوة مصر الرسمية تستوجب أن يصاحبها نوع من اليقظة لدى المواطنين فى كل مكان، بما معناه بث روح شعبية جديدة، تنفض ركام الفوضى فى كل مناحى حياتنا، أو تلك التى تستغل غياب الدولة فى أى فترة، أو تحاول ابتزازها أو سرقتها أو حتى التآمر عليها..

وعند هذا التفكير وجدت الرئيس يذكر مواطنيه بضرورة احترام الدولة، ويحذر المتآمرين، ويطالب الشعب، بكل أفراده بضرورة التسليم بحقوق الدولة فى العمل لمصلحتهم جميعا، فى كل مناحى الحياة، بل وإدراك أنها تعمل لمصلحة الجميع، مستهلكين ومنتجين.. ودورة الحياة تنتقل بين هؤلاء باستمرار، أى أننا سنكون مستفيدين جميعا..

تحدث الرئيس عن البحيرات، وكيف تعود نظيفة وصحية، مع تقنين ملكية من يعملون فيها، ويسددون حقوق الدولة، حتى يكون عملهم متوافقا مع الحقوق ومع القانون. عندما ندرك روح القانون سيسود العدل فى ربوع الوطن، ولن نكون فى حاجة إلى التقاضى نفسه، أو إشغال مؤسسات الدولة بركام من الشكاوى، لأننا نرفض احترام حقوق الناس، أو حقوق المجتمع..

الزراعة أو الفلاحة هى قلب مصر، وإذا نبض هذا القلب يعنى أن مصر كلها تنبض، أى عودة الروح إلى الوطن، وإذا احترمت منتجها، سواء كان الفلاح الصغير والشركات أو المؤسسات الغذائية الزراعية بتقنيات العلوم الحديثة، وانتقلت إلى الميكنة والتكنولوجيا المتطورة والتصنيع والتخزين الحديث، ذلك أن مصر كلها دخلت إلى هذا العالم السحرى من التقدم والوفرة التى ينعم بها العالم الأول، ووجدت الضباط الذين يحمون ويحرسون الوطن، ويحرسون الإنتاج فى نفس الوقت، ويتكلمون عن المياه، ونحن نحتاج المياه للحياة، يعنى أننا سوف ننتج غذاءنا، ونستغنى عن الاستيراد، ونحمى مستهلكينا من كل النواحى.

إنها رسائل التقدم والنمو والتحديث.. وهذا هو دور المؤسسات الحديثة فى كل أنحاء العالم، خاصة فى العالم المتقدم، ومؤسساتنا العسكرية نموذج لوطنها، ولمنطقتها فى تلك الفترة الأصعب والأشد خطورة فى تاريخنا الحديث كله، إذا لم تتقدم لهذا الدور الخطير، ستنهار بلادنا من الداخل، وسوف يستقوى عليها العدو من الخارج.

فقد ظهر واضحا وجليا، أمام المصريين جميعا، أن العدوان الجديد جاءهم من الدول الإقليمية الكبرى التى تشاركهم المنطقة، فجندوا نفرا منهم، لإعادة احتلال مصر تركيًا أو إيرانيًا أو حتى إسرائيليًا أو بأموال عربية قطرية..

كل ذلك من دول العالم المتخلفة والتابعة لهذه القوى التى لا تخدم حقوق الشعوب، وتضرب عرض الحائط بالضعفاء والفقراء والتابع والفقير، فنفض المصريون ركام الجهل والضعف والتخلف، وكشفوا عن معدن قوى ، يتطور ويتصاعد فى عالمنا المعاصر كل يوم.

تذكرت، وأنا أرى تتابع الصور فى ذهنى، ماذا يحدث فى العالم وفى منطقتنا..؟ تصدع نظام دولى مخيف، وسبقه انهيار أوضاعنا العربية والإقليمية بشكل متداع، وسقوط دولنا بشكل متتابع، وحالة عالمية تستقوى على الضعفاء والفقراء، مثلما يفعلون فى اليمن وفى سوريا وغيرهما، من كركوك إلى كشمير وإلى القدس، والذين يحتاجون والذين لا يملكون مؤسسات أو جيوشا حديثة تدافع عنهم، وتوفر احتياجاتهم فى كل مناحى الحياة من طرق وخدمات وسلع، وتقف ضد من يحاول أن يسرق حقوقهم فى الحياة والوجود.

قاعدة نجيب العسكرية على المتوسط أوقفت العدوان على مواردنا النفطية، وبكامل مشتقاتها البترولية فى البحر الأبيض، من المعتدى الإقليمى الذى لا يحترم قانونا أو عدلا، ويؤمن بالسرقة واحتلال الضعفاء، ومنها سيخرج الغذاء للمصريين ليمنع الفوضى والاضطرابات، أو الذين يصرخون من أجل الطعام أو من ابتزاز الوطن فى حالة الحاجة.

هناك ارتباط خطير بل وجذرى بين الأوضاع الداخلية والخارجية، وبين الاستقرار أو السقوط فى هوة الاحتلال، وبين قوى الدولة ومكانتها وجيشها فى كل هذه المعادلات، وبين حركة المؤسسات، وبين الشعوب والجيوش للدفاع عن الأوطان، وحماية حقوق الناس، خاصة البسطاء والضعفاء منهم، ولا شك أن يقظة مصر الرسمية، ووعيها الذى يتنامى يوميا فى جميع المجالات، سوف تنتقل تدريجيا بوعى منا، ومن كل مواطن وكل إنسان، يراقب الأوضاع بروح من الجدية والمسئولية، وسوف تنضبط الحياة والعمل فى كل ربوع الوطن، بانتظام، وساعتها سترى الروح الإيجابية والسعادة التى سوف تنتشر فى كل ربوع الوطن، لأن الإنتاج، والانتصار فى معركة الحياة يولدان للمجتمعات والأفراد روحا جديدة، ستكون فائقة السرعة، ومعادلة هندسيا، تعوض الأيام الصعبة التى عاشتها مجتمعاتنا فى ظروف الفوضى، والاضطرابات، وحالات الحروب التى فرضت علينا، أو سعينا إليها بلا وعى منا فى مراحل مختلفة فى تاريخنا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى