محمود علم الدين..!

السبت 4 من ربيع الثاني 1444 هــ
العدد 49635
فى عز عُنفوان، وتَأَلُق الدكتور محمود علم الدين- الأستاذ النموذج لعلم الصحافة، والإعلام- خطفه الرحيل المفاجئ.
عرفت أخى، وزميلى محمود منذ أكثر من نصف قرن، تزاملنا معا فى كلية الإعلام.. كل ما أعرفه، وأراه، وألمسه أن محمود لا يتكلم إلا فى العلم، والأبحاث، والصحافة عموما، وإرشاد زملائه، ثم طلابه بعد ذلك.
منذ اليوم الأول للقائنا وهو كذلك، لم يتغير، واستمر حتى رحيله فى هذا الموقع..
هو بالنسبة لى «الألفة»، أو أول الدفعة، دائما، وكانت دفعته هى الأخرى هى الدفعة الأولى فى كلية الإعلام (1975)، وعندما تشعبنا كان هو أول الشعبة، أو القسم، لا يتنازل عن هذه المكانة أبدا.
كان محمود يمثلنا فى كل المهام، فهو الأكفأ، والأقدر، والأكثر علما..
أرسله أستأذنا جلال الدين الحمامصى فى مهمة صحفية للخارج ونحن طلابا فى السنوات الأولى، فكان كذلك «أول المراسلين الصحفيين» الذين يكتبون إلى صحيفة «صوت الجامعة»، وتخرجنا ومحمود علم الدين محافظا على مكانته لا يتزحزح، وكنت كلما أقابله أقول له: «يجب أن يضعوك فى موسوعة جينيس لأنك أكثر من حصل على لقب أول الأوائل فى تاريخ مهنة الصحافة والإعلام» فيضحك، وقد تدرج فى كل الدرجات الجامعية، وقد تعرض محمود عندما أنهى درجة «الدكتوراة» لمحنة احتراق شقته بمحتوياتها، بما فيها رسالته، فأعاد صياغتها من جديد وكأنه طائر الفينيق.. فى تلك الفترة كانت زميلتنا زوجته الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميدة كلية الإعلام السابقة، تقف إلى جواره، وتزوجا، وكونا معا شراكة متجانسة (أول دفعة 1975 زوجًا لأول دفعة 1976)، وقلت لهما فى الفرح: «الأول لا يتزوج إلا الأولى.. إنها مفارقات الحياة»، ولكن الأهم بعد ذلك أن حياة محمود الحافلة كانت نموذجا، فهو الأكثر تأليفا فى عالم الصحافة والإعلام (أكثر من 33 مؤلفا و 40 دراسة)، وقد استطاع هو وزوجته أن يثريا المكتبة الإعلامية لتكون الأغنى، والأكثر تطورا، ليس فى مصر وحدها، وإنما فى المنطقة العربية بأكملها..
رحم الله محمود علم الدين، وأسكنه فسيح جناته.
