إنقاذ السودان..!

الأثنين 21 من صفر 1446 هــ
العدد 50302
هل حان وقت إنقاذ السودان من نفسه؟.. أعتقد أنه لم يعد هناك وقت لمشاهدة كل صنوف التخريب، والفوضى، والقتل، والاقتتال خلال هذه الحرب التى اندلعت فى أبريل 2023، والتى أتت (تقريبا) على الأخضر واليابس، وبلغ منسوب الخسائر أقصى مدى على كل المستويات.
إن الأرقام مخيفة، والتقديرات مختلفة، فإحدى المنظمات (أطباء بلا حدود) تقول إن عدد الضحايا يربو على 40 ألفا على الأقل، والمشردين بالملايين (10.7 مليون سودانى)، ونحو خُمس سكان البلاد أصبحوا لاجئين على مستوى العالم، بينما تُرك النصف الآخر فى مواجهة شبح المجاعة، والأمراض، والأوبئة، وقد بلغت الانقسامات الداخلية مداها، فالسودان منذ استقلاله الذى مر عليه 68 عاما عاش جُل هذه السنوات فى الحروب، والانقسامات التى نتج عنها انفصال الجنوب الذى حصل على 75% من موارد السودان، والحرب الدائرة الآن فتحت الشهية لانقسامات جديدة، لعل أهمها دارفور، وكردفان، كما أن عملية السلام الهشة التى بدأت الشهر الحالى (14 أغسطس) فى سويسرا لم تفلح إلا فى فتح ممرات إنسانية للإغاثة، ونداءات المبعوثين الدوليين لم تجد صدى، فى حين أن طرفى الصراع (الجيش وقوات الدعم السريع) سبق أن تفاوضا بجدة، وهناك بنود لإعلان جدة مضى عليها أكثر من عام (11 مايو 2022) وتحتاج إلى أن ينفذها الطرفان.
كما أن مباحثات القاهرة متوقفة، ومازالت تنتظر ممثلى الجيش والدعم السريع للحضور، ومؤشرات الانفراجات مازالت محدودة، وقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية بعد المفاوضات الأخيرة تُعوّل على مصر لإتمام مفاوضات جنيف، فهل يستجيب طرفا الصراع..؟
أعتقد أن المباحثات حتى تتضح وتنضح تحتاج إلى مزيد من التفاهم الأمريكى- السودانى، والمساعدة على إعادة الدور السعودى النشط، أما الدور المصرى لإنقاذ السودان فهو الأكثر وضوحا، وذلك بالنظر إلى مؤتمر القوى السياسية المدنية الذى استضافته القاهرة فى يوليو الماضى، والذى مازال يمثل البوابة التاريخية لإنقاذ السودان بعد أن بات مهددا بالتقسيم، والتفتيت، ومصر مازالت ترى ضرورة تقديم مبادرة سودانية خالصة تهدف إلى توحيد البلاد تحت قيادة سودانية تضم مختلف الأطراف، والميول.
