القبطان وقلب الأسد.. الحلفاوى نموذجا!

الأربعاء 16 من جمادي الآخرة 1446 هــ
العدد 50416
عندما تحب، وترتبط بفنان، ويشدك أداؤه على الشاشة يحدث ارتباط روحىُ معه، وتضمه إلى أسرتك، ويستتبع ذلك أن تلاحقه، ليس لتشاهده فقط، بل تعيشه.. نبيل الحلفاوى (أبريل 1947 – ديسمبر 2024) واحدُ من هؤلاء، منذ أن تابعناه فى «قلب الأسد»، ونديم «فى رأفت الهجان»، فقد دخل قاموسنا، أو دائرتنا الضيقة مثلما دخلها كل نجوم هذا المسلسل البديع (رحمهم الله)، بعد أن عبروا عنا فى دائرتنا الواسعة، واكتشفنا فيهم جزءا من شخصية المصرى فى الأزمات والحروب.
لم يكن دورالحلفاوى تمثيلا عاديا، بل كان تعبيرا، وتجسيدا حيا لشخصيتنا الوطنية وهو يلعب دور رجال المخابرات البارعين، والمحبين لما يعملون، ويرتبطون بالوطن، فيخطفون المشاهد، وبلغ الذروة، أو القمة، عندما أصبح «القبطان» محمود فى «الطريق إلى إيلات»، وتحول الدور فى الفيلم إلى لقب دائم يسبق اسمه، ويتطابق مع صورته الحقيقية. لقد جسد نبيل الحلفاوى، رحمه الله، قمة النبل المصرى الإنسانى عامة، ومحبة الوطن كانت واضحة على وجهه، واحترامه لنفسه وفنه كان أوضح، وإحدى سماته، بل له نصيب كبير من اسمه.. لقد كنا أمام إعصار فنى وسينمائى نادر الوجود فى بساطته، وقوة تعبيره، وامتلاكه الشخصية التى يؤديها على الشاشة، فهو يصل إلى الإنسان، أو المشاهد من تشخيصه.. يتجسد مع روحه، فهناك ارتباط تراه فى عينه، وكلماته، وكل حركة له، وأعتقد، وأنا لا أفهم فى الفن كثيرا، أن المخرجين الكبار لم يستغلوا هذه الطاقة الجبارة كاملة، وإلا ماذا نقول عن ذكريات «الزينى بركات»، حتى فى «زيزينيا» كان رفاعى له وقع، وتأثير، ولذلك فإن رحيل الشخصية النبيلة، والفنية الأسطورية، فائقة الجودة، له وقع، ودوى فى مشاعرنا، ويستحق منا الوداع، والتسجيل لذاكرة المجتمع، ولكل من استمتع بفنه، ولكن لنا ملاذنا مع الرحيل، أو عزاؤنا أن نعود إليه فى أعماله الرائعة لنراه، ونأخذ منه ينبوع الحب، والعمل المتفانى.
وأخيرا، وداعا يا قلب الأسد.. يا قبطان الأبطال فى حماية عرين مصر بالبحار، ابن حى السيدة زينب، الفنان الرائع، نبيل الحلفاوى، الذى لطالما كان ينبوعها الإنسانى فياضا على مصر، والمصريين.
