الترامبية.. ومستقبلها!

السبت 15 من رمضان 1446 هــ
العدد 50503
لا نستطيع أن نطلق على ما يحدث فى أمريكا «المدرسة الترامبية الجديدة»، ولنفهم أكثر فهو استخدام للقوة، أو التلويح بها، ولا يمكن القياس فى دراستها على أنه جمهوري، أو حتى شعبوي، فهو ليس جمهوريا، وليس ديمقراطيا.. هو منوال وحده، ولم أصفه بالمدرسة، رغم محاولاته، وكانت صورة نائبه دى فانس، وفريقه فى البيت الأبيض، خلال لقاء زيلينسكي، محاولة لخلق مدرسة لها صفة الاستمرارية، لكنها لم تحدث، ولعل التراجعات الأمريكية الأخيرة تكشف أن ما حدث فى البيت الأبيض خلال لقاء الرئيس الأوكرانى ما هو إلا لقطة تليفزيونية وانتهت، وانتظروا فقرة أخرى منها.
لقد تقلب ترامب، الذى نصفه باللا حزبي، واللا ديمقراطي، واللا جمهوري، بين الحزبين منذ أن دخل الحياة السياسية 1987 جمهوريا، وظل حتى 1999، ثم تحول إلى إصلاحي، ثم ديمقراطى 2001 حتى 2009، ثم عاد جمهوريا، وخرج، وعاد لخوض الانتخابات الرئاسية باسمهم، ويعكس هذا التقلب الحزبى عدم انسجام فكرى مع أى من الحزبين الجمهورى والديمقراطي، وأن لديه تصورات مختلفة لإدارة الحكم داخل أمريكا، وفى العلاقة مع العالم، ولذلك تستطيع أن تلمس سياساته تجاه النظام الدولي، وموقع أمريكا فيه، ومصلحتها القومية، فهو يتحلل من هذا النظام، بل من علاقات الشراكة مع أوروبا، واليابان، وكوريا الجنوبية، فهو يريد أن يلعب كقوة منفردة مدعومة بترساناتها العسكرية الضخمة لتحقيق مصالحها وحدها دون الاعتماد على الشركاء، ولذلك لا يهمه اتفاقيات باريس للمناخ، ولا علاقات الشراكة مع الأطلسى (الناتو) الذى تأسس عام 1949، وبقى طوال الوقت يجسد العقيدة الأمنية الأمريكية، ولا يُخفى أنه اتهم الناتو بالمسئولية عن بدء الحرب فى أوكرانيا، وتمثل تجلى ترامب الأكبر لإسقاط القوة الناعمة فى مشروع تهجير أهل غزة الذى أمسك به اليمين الإسرائيلى المتطرف غير مكترث لقانون دولي!
أعتقد أن معنى القوة مختلف عند ترامب، فهو يعمل لتحقيق المكاسب الاقتصادية، فلا مكاسب لديه للسياسة الخارجية إلا مصادر المال والاقتصاد على حساب عناصر القوة التقليدية، فهل هذه العقيدة تستطيع أن تنتشر وتكون مدرسة فى المستقبل الأمريكي؟.. تصورى أن عقيدة سياسية بهذا المستوى من الفجاجة، واستمراريتها مستحيل ولن تتحول إلى مدرسة تتناقل إلا إذا كانت أمريكا تودع مكانتها العالمية وتأثيرها بعد انتهاء فترة ترامب.
