مبارك.. وعقد اجتماعي جديد

من موقع ساحر, ومن حديقة الأزهر التي تطل علي القاهرة القديمة, علي مساحة45 فدانا خضراء, ظهرت للوجود في قلب الصحراء والعشوائيات وما تعنيه رمزيتها بالنسبة لمصر, أطلق الرئيس حسني مبارك برنامجه في اليوم الأول لحملة انتخابات الرئاسة, مشيرا إلي معني الجدية والالتزام.
فلقد دشن فيه شوق ملايين المصريين إلي مرحلة جديدة في السياسة المصرية, وترجم معاني التغيير الحقيقي, واضعا خريطة متكاملة للعمل الوطني خلال السنوات الست المقبلة, واقتحم فيها بجرأة مشكلاتنا, وصاغ لنا حلولا خلاقة في إطار برنامج يقوم علي الالتزام بالتنفيذ, كما كاشفنا بحقائق وأرقام, وعمق زادته البساطة مكانة, ما استطاعت مصر تحقيقه, وشرح لنا كيف كنا, وكيف أصبحنا؟ وتجاوز لغة المرشحين التقليدية التي تلجأ إلي الدعاية أو الشعارات التي لا تحمل مضمونا قادرا علي الصمود في عقول الناس.
ولأنه يحترم ناخبيه ومواطنيه, فقد قدم لهم أجندة للعمل لا تقوم علي مجرد الكلام والوعود.. فذلك لا يبني ولا يوفر فرصا للعمل أو يحقق إصلاحا للاقتصاد أو السياسة, ولأن الكلام والوعود وحدهما لا يحلان المشاكل, ولا يغيران الواقع, كما أن الصراخ أو القدرة علي النقد والتشخيص لا تعني القدرة علي التنفيد, فقد حمل برنامج الرئيس مبارك روح المصداقية وأسلوب التنفيذ, فلقد جاء في سياق عمل فعلي, وخطوات موجودة بين الناس, وشواهدها واضحة في كل موقع يتحرك فيه.
ومن هذا المنطلق جاءت كلماته ليس ككل الكلمات أو البرامج, وظهرت واقعيته وقدرته علي التنفيذ ماثلة في أذهان المتلقين, وتجاوزت النقاط المحددة لسياساته المستقبلية آذان السامعين, لتصل إلي عقولهم مباشرة, فحركت وجدانهم وأنعشت آمالهم في مستقبل مزدهر مثمر لمصر.
وقد أعطي هذا البرنامج المتكامل, زخما وحيوية متزايدة لانتخابات الرئاسة التي ترجمها مبارك إلي برامج وخطط لبناء مصر الحديثة, والعبور بها للمستقبل, هذا العبور الجديد الذي صاغته عقول متحررة تستكمل الإصلاحات السياسية بالخطوات التالية:
أولا ـ الركن السياسي ويتضمن:
ـ وضع ضوابط علي ممارسة السلطة التنفيذية لصلاحياتها.
ـ تعزيز دور البرلمان في مراقبة ومساءلة الحكومة.
ـ تعزيز الصلاحيات التنفيذية والرقابية للمحليات والانتقال بمصر إلي عالم اللامركزية وتأثيره السحري علي الأداء وسرعة العمل في كل مرافق الدولة.
ـ حد أدني لمقاعد المرأة ونظام انتخابي لزيادة فرص تمثيل الأحزاب.
ـ إلغاء منصب المدعي العام الاشتراكي ومحكمة القيم وما يشكله ذلك من تطور كبير ينهي الكثير من القوانين الاستثنائية ويؤدي إلي استقرار الأوضاع القانونية.
ـ قانون جديد لمكافحة الإرهاب بدلا من الطواريء.
ـ دعم الحريات العامة من خلال مراجعة قانون الحبس الاحتياطي.
ـ تعزيز حرية الرأي وتوسيع مشاركة المجتمع في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
ـ تشريعات تكفل الإفصاح عن المعلومات وتداولها.
ـ تطوير أداء المؤسسات الصحفية القومية.
وهذه التطورات السياسية تثبت أن تغيير المادة76 من الدستور, والقوانين السياسية المكملة لها كانت نقطة البداية التي اقتحمت بعمق مسار الإصلاح السياسي في مصر.
ثانيا ـ الركن الاجتماعي:
ونتوقف هنا بكثير من الاهتمام والمتابعة أمام ما طرحه برنامج الرئيس مبارك الانتخابي الخاص بالإصلاحات الاجتماعية لأهميتها القصوي علي حياة المصريين علي مختلف طبقاتهم, وتركيزه علي قضية البطالة, باعتبارها قضية رئيسية, تهم كل أسرة في المجتمع المصري, لها تأثيراتها علي مستوي المعيشة, وتحقيق السلام الاجتماعي, بالإضافة إلي الاستفادة من طاقة المصريين الإنتاجية واستثمارها في تطوير الاقتصاد ومعدلات النمو الاقتصادي, ويتركز هذا البرنامج في4 نقاط رئيسية هي:
ـ التصدي للبطالة وتوفير أكثر من4 ملايين فرصة عمل في السنوات الست المقبلة.
ـ زيادة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة للشباب.
ـ بناء ألف مصنع جديد لتوفير250 ألف فرصة عمل للشباب سنويا.
ـ استصلاح مليون فدان جديد في الطريق الصحراوي, وتوفير70 ألف وظيفة سنويا في القطاع الزراعي.
ـ مضاعفة عدد الغرف السياحية لتوفير200 ألف فرصة عمل سنويا في القطاع السياحي.
ثالثا ـ ركن الصحة والتعليم والعمران:
ويدور هذا الجزء من برنامج الرئيس حول حياة أفضل للمواطن عبر تنفيذ مجموعة من السياسات والبرامج هي:
ـ مد مظلة التأمين الصحي لكل فرد واختيار ما يناسبه من مستشفيات ووحدات صحية للعلاج.
ـ بناء3500 مدرسة جديدة.
ـ بناء80 ألف مسكن جديد سنويا بدعم من الدولة وبأقساط في متناول الشباب وعائلاتهم.
ـ إعادة تخطيط القرية المصرية بحيز عمراني جديد.
ـ تقنين العشوائيات وتسجيل ملكيتها ومدها بالمياه والصرف الصحي والكهرباء والمدارس.
ـ تحديث شبكات الطرق بالوجهين البحري والقبلي والترخيص لشركات نقل جديدة.
ـ استكمال الخط الثالث لمترو الأنفاق.
رابعا ـ ركن دعم محدودي الدخل بمواصلة دعمهم وزيادة دخولهم100% بالنسبة لأجور الدرجات الوظيفية الصغري بالدولة و75% للدرجات الأخري. كما يتضمن ما يلي:
ـ إعداد تشريع لضمان عقود عمل وتأمينات صحية واجتماعية للعمالة غير المنظمة.
ـ توفير دخل أكبر لأصحاب المعاشات.
ـ زيادة عدد الأسر المستفيدة من برامج الضمان الاجتماعي وزيادة مخصصاتها.
ـ زيادة في الأجر الأساسي للمعلمين ووضع كادر خاص لهم.
خامسا ـ ركن الطبقة الوسطي:
وهو يعمل علي تنفيذ إجراءات تدعم قوة الطبقة الوسطي, تلك الطبقة التي يقوم علي أكتافها الاقتصاد, وبناء المجتمع, وبقراءة برنامج الرئيس نجد أن السياسات الجديدة تحقق طموحاتها في زيادة الدخل, وامتلاك مسكن لائق بأسعار معقولة, والتوسع في إنشاء المدارس والجامعات الخاصة لأبنائها, وتوفير مكان لكل طفل للمرأة العاملة يتراوح عمره بين4 و6 سنوات في رياض الأطفال, وإتاحة فرص في التعليم المستمر لمن يرغب في زيادة خبرته ومهارته.
سادسا ـ ركن مصر القوية والآمنة:
وهذا الجزء المهم من البرنامج يؤكد بإصرار علي مصر القوية والآمنة, سوف تستمر في الحفاظ علي قوتها بالسلام والاستقرار بقواتها المسلحة, واستقلال إرادتها الوطنية, ووحدة مسلميها وأقباطها, وتضامن شعبها ضد الإرهاب, ودورها المحوري عربيا, وعلاقاتها المتميزة دوليا.
لقد أراد الرئيس حسني مبارك المرشح للمعركة الرئاسية الأولي في مصر أن تتميز بالجدية والقوة معا وأن تكون قادرة علي التغيير الحقيقي, فوجدنا أمامنا رئيسا نعرفه جيدا, ولكننا نراه بعيون جديدة تتناسب مع المرحلة التي نقلنا إليها ويقودنا عبرها.
فمبارك2005 بات قائدا سياسيا متمرسا, يقرأ المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية, هو غير مبارك الذي بني سلاح الطيران بعد هزيمة معركة67, وغير مبارك الذي قاد قواتنا الجوية في حرب أكتوبر73, فلقد كان في كل المراحل السابقة شخصا آخر, وعندما أصبح نائبا لرئيس الجمهورية, بدأ من جديد في إدارة دفة السياسة, ثم وجدناه شخصا آخر عندما تولي السلطة في عام1981 عقب تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية تفجرت بعدها حرب إرهاب طاحنة أثرت علي مصر. وعندما خرج منها كان هو القوي الذي أدار دفة بناء مصر الحديثة, اقتصاديا وسياسيا, فاستطعنا إقامة بنية أساسية كاملة, وتعاظمت في عهده الثروة المصرية, التي جعلتنا قادرين علي أن ننطلق هذا العام نحو العبور الثاني الكبير في عهده.. إلي جمهورية جديدة, يصنعها رجل الشارع والمواطن المصري, وتجعلنا واثقين من أنه قادر علي تحقيقها, فهو القيادة القوية التي تحمي رحلة العبور من عثرات الطريق, حتي تصل بنا إلي بر الأمان, وتجربتنا معه تثبت أنه قادر, ومجدد ويفهم روح العصر, ومتطلبات التغيير, ويخطو بنا نحو مستقبل زاهر ومشرق.. إنه قدر مصر وقدرنا.
لقد وضع الرئيس حسني مبارك, مرشح الحزب الوطني, بهذا البرنامج الانتخابي المتقدم سقفا عاليا للسباق الرئاسي, حول فيه الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتدرجة السابقة والجديدة علي البرنامج إلي تغيير حقيقي يتبني إصلاحا شاملا للنظام السياسي, وتطويرا اقتصاديا عصريا, يؤدي إلي قيام عقد اجتماعي جديد بين الحكومة والشعب, ووضع مصر علي طريق جديد من التطور والتقدم بكل المقاييس والمعايير العالمية.
وإننا علي يقين من قدرة مصر ونظامها الجديد علي تبني هذه الإصلاحات ووضعها موضع التنفيذ علي الأرض, بما نملك من مناخ تشريعي ونظم ومؤسسات قادرة علي ترجمتها إلي واقع عملي.
