العدد44444.. وعراقة تتجدد

ثلاث سنوات مضت منذ شرفت بقيادة فريق العمل في أعرق الصحف العربية وصحف المنطقة قاطبة.. جئت والأهرام الجريدة تحتفل بمرور130 عاما علي صدورها. واليوم يصدر العدد44444 بعد مرور133 عاما, وهو حدث لايتكرر إلا كل واحد وثلاثين عاما تقريبا. مناسبة نجدد فيها العهد لقراء الأهرام بأن تظل كما كانت مدرسة صحفية عالمية صنعت مع قرائها مجد الصحافة العربية, سجلت بأمانة واقتدار تاريخ أمتها, وسايرت تطورها الاجتماعي والسياسي, وأصبحت في كل عصورها سجلا أمينا لحياة المصريين, ومحيطهم الجغرافي والسياسي والثقافي. وخلال السنوات القليلة الماضية منحنا قراؤنا ثقة تجاوزت بالتوزيع كل الآفاق, وأصبحت الأهرام وحدها تمثل نصف مبيعات الصحف اليومية في مصر. واكبت حرية الصحافة, وعبرت عن كل الاتجاهات, ولم تغفل يوما عن مصالح الوطن العليا.
عبر الأهرام تستطيع قراءة مصر وفهم المصريين, ومعرفة واقع ومستقبل العرب, وتحليل واستيعاب كل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية والرياضية في عالم اليوم.
صحيفة حافظت علي روحها ومدرستها التاريخية, مع تجددها وحيويتها علي مدي قرن وثلث القرن.
خاضت مع السنوات الثلاث الماضية في بداية الثلث الثاني بعد المائة الأولي اختبارا جادا مع الحرية المتزايدة في مصر واتساع الإعلام ومجالاته, ومع اشتداد المنافسة, أثبتت أصالتها وقدرتها, ولم يستطع أحد أن يقترب من مواقعها القديمة, وتقدمت واحتلت مواقع جديدة في عالم الإعلام, وأصبحت تشكل عقل وأجندة وفكر كل المتحدثين وصناع الإعلام الحديث في عالم الفضائيات, بل إن كتابها هم الذين يحتلون المساحة الأكبر والأوسع في الفضاء الالكتروني بإنتاجهم أو أشخاصهم.
وعلينا أن نفكر في اسم جديد يستوعب دور ومكانة الأهرام في عالم الإعلام المعاصر علي نفس وقدر الاسم القديم الذي خطه طه حسين ديوان الحياة المعاصرة.
وما نقوله عن الأهرام هو الحقيقة بلا مبالغة, وتكفينا هنا الإشارة إلي أنه نظرا للتسابق علينا, أصبحت صفحاتنا هي الأكثر عددا, بل إن ما تستهلكه الأهرام يوميا من ورق أكثر مما تستهلكه كل الصحف بكل أشكالها قومية وحزبية وخاصة, أما عدد الجمعة فيستحوذ علي80% من الأسواق توزيعا.. والإعلان فيه فوق طاقاتنا الاستيعابية, وأصبحت صفحاتنا الإعلانية يطلق عليها الأوراق طابعة البنكنوت فهي الورق الذي يدفع فيه الفلوس ويعاد شراؤه بالنقود( تعريف البنكنوت) لأن إعلانات الأهرام أكثر من الإعلان, فهي تحمل الخبر الاجتماعي والاقتصادي الأهم والأبرز لحياة الناس ولمعرفة الأسواق, ولم يأت المعلن إلا ثقة في تحرير الأهرام ومكانتها التوزيعية الفائقة.
فهي الصحيفة الوحيدة بلا مرتجعات بل إن قارئها يعتبرها يوميا مثل رغيف الخبز لايمكن الأستغناء عنها وليس لها بديل.
الأهرام قصة نجاح كبري.. وعمل متواصل من أبنائه لمصلحة قرائه ووطنه تستحق أن تروي.. فهي تحمل ملامح مصر وعزيمة وإرادة المصريين.. كلمة اليوم استولت علي تفكيري ونحن نقدم لقارئنا العدد المميز الذي يحمل رقم44444 ونبدأ به133 عاما من مسيرتنا الخالدة.
أحيي زملائي.. الذين يعملون في ظروف شاقة ويبذلون مجهودا مضنيا.
أشيد بروحهم الجماعية وحبهم لصحيفتهم وصحافتهم, والتزامهم بمصالح أمتهم وقدرتهم الفائقة علي العمل وتقديم الجديد في كل مجال في منافسة طاحنة يسابقون بها الجميع بأقلامهم وأوارقهم يسبقون موجات الأثير, وأصحاب الميكروفونات الذين ينقلون الأحداث علي الهواء.. لم يتخلوا عن ثقتهم بوطنهم.. عرفوا معني الحرية الحقيقية التي تكسب العقل ولا تلعب علي الغرائز أو حتي توظف مشاعر الاحباط وصعوبات الحياة, أدركوا معني الضمير الحر واليقظ الذي يعمل لمصلحة الوطن ويحمي المستقبل, ولايوظف الكلمة للمكسب السريع والشهرة الجوفاء.
وأقول للقارئ العزيز الذي وثق بنا وآمن بمصداقيتنا العليا. عهدا أن نواصل المسيرة والعمل الجاد.. لمصلحة وطننا وحماية لمستقبله.
osaraya@ahram.org.eg
