مقالات الأهرام العربى

عصر نوبل لمصر

حاز المصرى الرابع على جائزة نوبل للسلام الدبلوماسى والقانونى د. محمد البرادعى، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليكتمل العقد بعد فوز الرئيس السادات وأديبنا الرائع نجيب محفوظ، ثم العالم الكيميائى د. أحمد زويل على تلك الجائزة الكبرى إنها سلسلة متتابعة فى ثلاثة عقود، تشير إلى قدرة المصريين على اللحاق بعالمهم المعاصر.

وفى حفل تكريم الرئيس حسنى مبارك فى رئاسة الجمهورية يوم الثلاثاء 7 فبراير الحالى، احتفل الرئيس، ونخبة من المصريين بابنهم البار الفائز، عاكساً حالة مصرية معاصرة، تؤكد قدرة المصريين على التحول السياسى والتغيير والتطور والبناء، وأن فوز المصريين كأشخاص هو البداية الصحيحة لتفوز مصر الحقيقى بجائزة نوبل، وهو الطريق الصحيح الذى يقودهم فيه الرئيس حسنى مبارك لربط مصر بالعالم، وربط العالم بمصر، فهو يقود ثورته حقيقية نحو بناء دولة عصرية متطورة فى قلب العالم، يبنى الاقتصاد، ويغير السياسة، ويقيم المؤسسات، ويحتفل بالمصريين ويغرس قيم الانتماء والحب للبلد والسلام، ومن يشاهد ما يحدث فى مصر الآن يدرك أبعاد هذا الحراك والنمو والتطور.

وإذا توقفنا أمام نجومنا أو مصابيح التحول والتغيير فسنجد أن الرئيس السادات، هو الذى فتح الطريق نحو العالمية بقراره المفاجىء الذى غير سياسة الشرق الأوسط، ونقله فوراً من الصراع والطريق المسدود، ليفتح به أبواب التطور والتغيير السياسى بالسلام، فاسترد للمصريين أراضيهم، ورفع أعلامهم على حدودهم، محدثاً تحولاً تاريخياً، كان فاتحة لسياسات جديدة فى كل المنطقة العربية، فاستحق جائزة نوبل للسلام عام 1978م.

وكان الثانى، أديبنا نجيب محفوظ، عميد الرواية العربية الذى أكد جدارة مصر بحمل علم الثقافة العربية، عندما حصل عام 1988على جائزة نوبل فى الآداب، وكل من عرف العربية والرواية بكل أساليبها، وقف أمام أدب نجيب محفوظ باحترام وتقدير، فقد كتب الرواية التاريخية ثم الرواية الاجتماعية، وتزيد مؤلفاته أو إبداعاته على 50 مؤلفاً، كلها علامات فى تاريخ الأدب من »الطريق« إلى »السمان والخريف« ثم »بداية ونهاية« إلى »ثرثرة على النيل« ثم دخل فى عمق القاهرة عندما كتب ثلاثية القاهرة »بين القصرين« و»قصر الشوق« و»السكرية« ثم خطف الأبصار فى »أولاد حارتنا« و»اللص والكلاب«

وكان الفائزالثالث أحمد زويل، فى مجال جديد هو العلوم ليثبت عمق العقل المصرى وجدارته بالعالمية فى عالمنا المعاصر، بعد أن سبق العلماء الأمريكيين الذين يعمل معهم بل قادهم معه إلى مجال التفوق والعالمية الذى يتربع عليه، فقد خطف نوبل من نظائره علماء الغرب وأمريكا في عام 1999، بل إنه مازال على قائمة العلماء المرشحين ليفوز ثانى بالجائزة مرة لتعدد أعماله وتفوقه الذى لا يتوقف.

وعلينا أن نعتز بمصرية زويل، فهو إنتاج مصرى خالص، رغم أنه يعمل حالياً بالولايات المتحدة وجامعاتها، حيث يعمل حالياً فى سان مارينو بولاية كاليفورنيا، وهو أستاذ كرس لينوس بارلينج فى الكيمياء الفيزيائية وأستاذ الفيزياء فى كاليتك، وقد ولد فى مدينة دمنهور فى محافظة البحيرة وتلقى تعليمه الأولى فى نفس المدينة، ثم التحق بكلية العلوم جامعة الإسكندرية ودرس الماجستير والدكتوراه فى نفس الجامعة وفى الخارج، فهو ابن مصر وتعليمها وثقافتها، ويعد نموذجاً أو سفيراً للعقل المصرى العلمى فى الخارج فى الجامعات الأمريكية وبين العلميين فى كل مراكز الأبحاث فى العالم المتقدم

ثم نصل إلى رابع مصرى يفوز بجائزة نوبل، وثانى مصرى يفوز بجائزة نوبل للسلام، وهو الشخصية المثالية، والذى كانت حياته كلها وتعليمه فى مصر، فهو ابن جامعة القاهرة ـ كلية الحقوق، نتيجة لعلمه ارتقى للعمل فى المنظمات الدولية فى عام 1980، ثم وصل إلى درجة المدير العام للوكالة الدولية فى عام 1997، وجدد له لولاية ثالثة فى عام 2005، بما أثار استياء الإدارة الأمريكية علناً بدع أنواجهها فى مسألة بالغة الدقة هى حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل.

وفى العالم يشيرون إلى مكانة البرادعى العالمية، ويحترمون مواقفه، ويقولون إنه الذى رفض حرب واشنطن لابتزازالمنظمات الدولية، وبعضهم يرى فيه أنه أرجوحة الأمل وقت العواصف، فى إدارته لأزمات العراق، ثم حالياً فى أزمة إيران، وكوريا الشمالية، فهو يمثل الشخصية المصرية الصلبة والجادة

وتعتبر تصريحاته وتحركاته فى الشد والجذب، نموذجاً رفيعاً للدبلوماسية الدولية فى عمقها وقدراتها على تجاوز الأزمات والوصول إلى الهدف، فهو يتمتع بهدوء جذاب، وحسن استقراء وتحليل للأحداث.

وقدم خطابه بعد أن منحه الرئيس مبارك قلادة النيل العظمى نموذجاً فى التفكير الراقى، عندما شخص أزمات العالم قائلاً إنه بسبب إنفاق أكثر من ألف مليار دولار على التسلح، بينما تنفق أقل من عشرة فى المائة على مساعدات التنمية فى عالم مازال فيه 850مليون شخص يأوون إلى فراشهم جوعى، شارحاً أن السلام ليس إنجازاً واحداً بل هو مناخ وعمل مستمر والتزام دائم.

إن حصولنا فى مصر علي هذه الجائزة فى شخص البرادعى فى ذلك الزمن الصعب يكشف قدرة أبنائنا على صنع السلام والتعبير عنه، أما تكريم الرئيس حسنى مبارك لرموز مصر الذين حصلوا على نوبل فى عصره، يكشف قدرة الرئيس على صنع عالم جديد، وقيادة مصر لتحصل، بتطورها ونموها وتحضرها السياسى والاقتصادى والاجتماعى، على نوبل مستحقة لشعبها كله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى