التأمين الصحي لكل الناس

علينا جميعا أن ننظر بعين جديدة لما يحدث حولنا من عمليات إصلاح متتالية في نواح عديدة من حياتنا, وأركز هنا علي مسودة مشروع القانون الذي طرحته وزارة الصحة أمس حول قانون التأمين الصحي الجديد, الذي ندخل به مرحلة جديدة من إصلاح المنظومة الصحية التي يجب الإسراع في تنفيذها, حيث إنها لا تحتمل التأخير, فحياة الإنسان وصحته, هي همنا الأكبر, ولقد وضعنا التنمية البشرية في مكانها الصحيح, وأصبحت تحتل الأولوية الكبري, بتوجيه من الرئيس حسني مبارك, الذي جعلها في مقدمة برنامجه الانتخابي.
إن التعليم والصحة, هما الركيزتان في هذه التنمية, إلي جانب الاهتمام بالأسرة والرعاية الاجتماعية.. وإذا كان كادر المعلمين الذي صدر أخيرا هو أحد أجنحة التغيير في مجال التعليم بمصر, والاتجاه إلي جودته بمعايير عالمية تنافسية, فإن قانون التأمين الصحي الشامل, هو الجناح الثاني الذي تمتد إليه يد التغيير بعد43 عاما علي ظهور هيئة التأمين الصحي في عام1964, وسوف تتم معالجته بالأسلوب العصري الذي تتبعه الحكومة والحزب الوطني, وذلك بطرحه للمناقشة والاستماع إلي كل الآراء, والاستفادة من كل الخبرات, ليأتي متكاملا وملبيا رغباتنا وطموحاتنا في هذا المشروع الحيوي, الذي وضعه خبراء ومتخصصون علي كفاءة عالية, وهو يحمل إشارات إيجابية يجب تعظيمها, وهي:
أولا: الفصل الكامل بين مصادر الأموال والجهات التي تقدم الرعاية الصحية, بمعني أن هيئة التأمين تتلقي الأموال وتقوم بشراء الخدمة بمعايير جودة محددة وكفاءة عالمية, ومن المهم أن يصبح باب تقديم الخدمة مفتوحا لكل المرضي, حيث سيجري تقديمها عبر شركة قابضة مع جهات أخري, مثل القطاع الخاص والمستشفيات الحكومية والعسكرية وغيرها, في روح تنافسية لحساب المرضي, ووفقا للخدمة بما يعني تحقيق الرضا للمستفيدين من التأمين الصحي, وبذلك يتوصل الجميع إلي أفضل السبل لتقديم خدمة صحية متميزة يستحقها المجتمع المصري بكل أبنائه.
ثانيا: الأسلوب الجديد للتمويل يتيح مد مظلة التأمين الصحي إلي كل فئات المجتمع, وأهمهم الفلاحون, عماد اقتصادنا, فهم غير موجودين في أي نظام تأمين, وكذلك من يعملون في الاقتصاد غير المنظم, أصبح متاحا لهم الحصول علي حق التأمين.
إن تجربة الفصل بين الخدمة والتمويل مطبقة جزئيا في بعض المحافظات والصناديق الخاصة, وتقدم رعاية ناجحة وسوف يتم تعميمها في النظام الجديد للتأمين, لتصبح هذه الرعاية متاحة للجميع.
ومن هنا يجب علينا أن نشارك في مناقشات التأمين الصحي الذي يهم كل مواطن مصري, ويجب أن ندرك أنه ليس هناك قانون أونظام متكامل بشكل نهائي, فالعمل والتطبيق يكشفان دائما ثغرات ينبغي معالجتها, كما أن المناقشة والدقة وأخذ الأمور بجدية, عوامل تجعل مشروعاتنا الجديدة تخطو إلي الأمام.
إن المشروع الجديد يهم محدودي الدخل بصفة خاصة, وهم الذين تكفلت الحكومة بأن تدفع لهم مليار جنيه جديدة, لكي يحصلوا علي نظام علاجي متميز, وفي هذا الصدد أقول إنه من الضروري قصر الدعم علي المحتاجين, حتي تتوسع موارد صندوق التأمين ويصبح قادرا علي الاستمرار في أداء خدمة متميزة في مجال الصحة, خدمة نحتاجها جميعا من أجل مستقبل مصر وحيوية المصريين.
osaraya@ahram.org.eg
