مقالات الأهرام اليومى

بعيدا عن المزايدات بيـع بنـك القـاهرة

عندما نناقش القرار الاقتصادي الذي اتخذته الحكومة ببيع بنك القاهرة لمستثمر استراتيجي‏..‏ يجب أن نخرج من دوامة المزايدات السياسية‏..‏ وأن ينصب تفكيرنا علي دراسة أبعاد القرار للوصول إلي حقيقة الأمر‏..‏ والعمل علي استمرار النجاحات المصرفية التي حققتها مصر في إصلاح القطاع المصرفي‏..‏ فهذا القرار يسير في اتجاه استكمال السياسة المتكاملة التي انتهجتها الحكومة والحزب الوطني منذ سبتمبر عام‏2004‏ بهدف وضع سياسة متكاملة لإصلاح القطاع المالي بشقيه المصرفي وغير المصرفي‏..‏ وهي السياسة التي نجحت في وضع مصر علي الخريطة الدولية كمركز مالي إقليمي واستطاعت أن تجذب‏10‏ مليارات دولار استثمارات أجنبية وحققت وجود قطاع مالي يتميز بالقوة والاستقرار والقدرة علي المنافسة الدولية‏.‏

فمن حقق النجاح وذاق حلاوته لايمكن أن يتوقف عن المضي فيه‏,‏ ولقد حقق القطاع المصرفي تطورا ملحوظا في العامين الماضيين حيث استجاب كيانه لتحديات التطوير‏..‏ وأصبح لنا بنك مركزي قوي يرسم السياسة النقدية التي تحقق استقرار الأسعار فاستقر سعر صرف الجنيه المصري في ظروف بالغة الدقة والصعوبة وانخفض معدل التضخم إلي مستوي مقبول‏.‏ كما ارتفعت معدلات النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ‏.‏

وهناك استراتيجية شاملة لتطوير القطاع المصرفي تهدف إلي رفع كفاءته بإصلاح هيكلي ومالي‏.‏

واستطاعت الحكومة في سنوات وجيزة إنهاء أخطر أزمة هددت الاقتصاد المصري بالإفلاس وهي أزمة تعثر القطاعين العام والخاص والتي بلغ حجمها‏50‏ مليار جنيه‏.‏

ويأتي قرار تخصيص بنك القاهرة بالأسلوب الذي تم به بعد دمجه ببنك مصر‏,‏ ليكرر تجربة النجاح التي حققها طرح بنك الإسكندرية للبيع لمستثمر استراتيجي بعد إعداده وتأهيله ماليا وإداريا ليكون جاذبا للاستثمار‏.‏ وأثبتت هذه التجربة نجاحها حيث تم بيع‏80%‏ منه إلي بنك انتسياسان باولو الذي يعتبر رابع أكبر مجموعة بنكية علي مستوي أوروبا‏.‏

إن التجربة الجديدة المفتوحة للاستثمار العالمي في بنك القاهرة يجب أن تلقي تشجيع الجميع حتي نحافظ علي نجاحاتنا المصرفية‏,‏ التي تنعكس علي المجتمع بكل شرائحه‏.‏

ولقد أسفر دمج بنكي مصر والقاهرة والدراسات التي قامت بها بيوت الخبرة والمستشارون المتخصصون عن خطة شاملة لبنك القاهرة تمكننا اليوم من طرحه للاستثمار المفتوح للاستفادة من المزايا التنافسية للبنكين‏,‏ بما يحقق قيمة جديدة‏,‏ علي أن يتم الحفاظ علي الكيان القانوني لبنك القاهرة‏,‏ وإدارته كأحد الأصول المملوكة لبنك مصر‏.‏

ونجحت الخطة في معالجة المحفظة المتعثرة والبالغة‏10‏ مليارات جنيه ودمج الفروع‏,‏ ودعم القاعدة الرأسمالية للبنك‏.‏ ومن منطلق إدارة الأصول علي الوجه الذي يحقق أعلي عائد للدولة‏.‏

ومن هنا جاء القرار الاقتصادي بطرح‏80%‏ من أسهم رأس مال بنك القاهرة لمستثمر استراتيجي لديه الموارد المالية والخبرة المصرفية والكفاءات البشرية ونظم المعلومات الحديثة لاستكمال إعادة الهيكلة‏,‏ وطرح‏5%‏ للعاملين و‏15%‏ للجمهور وذلك علي غرار ماتم في بنك الإسكندرية‏.‏

وليس عيبا أن تكرر الحكومة قصة نجاح ماثلة أمامها‏.‏ فالقرار يحقق تدعيم المركز المالي للبنكين‏,‏ وتحسين اقتصاديات شركات قطاع الأعمال العام‏,‏ ويدعم المراكز المالية لبنكي الأهلي ومصر‏,‏ ويحقق سياسة إصلاح القطاع المالي وتنمية القطاع المصرفي وتحسين مكانته التنافسية من حيث تكوين كيانات كبيرة قادرة علي الوجود الفعال علي الساحة المالية الدولية‏.‏

كما يحقق التوازن في السوق المصرفية المصرية‏,‏ وهو التوازن الذي نحتاجه بشدة لدعم اقتصادنا بشكل عام والحفاظ علي معدلات النمو وتقديم خدمة مصرفية متميزة علي المستويين المحلي والإقليمي‏.‏

إننا أمام تطور اقتصادي يجب أن نحافظ عليه وأن نبعده عن المزايدات السياسية‏.‏ فتطور الاقتصاد تنعكس آثاره علي كل المصريين ويجب أن نحافظ عليه بعيدا عن المهاترات والصراعات‏.‏
osaraya@ahram.org.eg

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى