عقل الثورة

حدثت في مصر ثورة شعبية يجب الاعتراف بنبلها.. وسلامة المقصد من قيامها,فالانتفاضة الشعبية التي بدأت في 25 يناير برغم أنها عفوية فجرها شباب.. فهي ليست وليدة اللحظة..
وإنما جاءت نتيجة التراكم وحركات إصلاحية واحتجاجية زادت وتيرتها مع بداية الألفية الجديدة.. وتزامنت معها إصلاحات سياسية وإطلاق للحريات.
وحانت لحظة قطف ثمار الحرية للمصريين, وألا يسطو علي طموحاتهم.. أي متربص, أو أي قوة من موروثات الماضي, فالثورات يفجرها الأنقياء, وتديرها العقول الناضجة الموثوق بحكمتها, حتي يحافظوا علي مسارها ويصلوا بها إلي بر الأمان.الثوريون لا يريدون عادة وسطاء, فالثورة تدفعهم إلي أن يجرفوا كل من أمامهم!
ولكن التجربة علمتنا خطورة أن تأكل الثورات أبناءها.. وهذا ما يجب أن يحذروه, والنضج المصري.. الذي عرف كل أنواع الثورات من شعبية وعسكرية وانتفاضات وطنية وطلابية وعمالية.. يجب أن يحكم أبناءنا وأجيالنا الجديدة, فهم لا يبدأون من الصفر, وعليهم أن يدركوا خطورة ومصاعب تلك اللحظة الصعبة والقاسية من تاريخنا.
ولاشك أنهم يعرفون ويقدرون.. ولا سبيل إلا أن يعصمهم ضميرهم.. فيحكمهم ويصل بهم إلي تحقيق أفضل ما نحلم ويحلمون به لمصر من تحول وتغيير يلبي كل طموحاتنا, ويضعنا علي طريق لا نسقط بعده مرة أخري.
والدولة بكل رموزها والأجيال الأكبر والسياسيون والقوي الأخري علي المسرح السياسي المتنوعة الاتجاهات ـ يجب أن تتواضع وتلجم أنانيتها السياسية, وتستوعب طموح الشباب وأحلام الوطن, وتتجه إلي تقنينه ووضعه في إطار تحول دستوري وتشريعي منظم حتي لا ينقلب عليه أحد مرة أخري بحجة غياب الشرعية أو اختفائها.. فقد دفعنا الكثير من أجل الحرية, وبحثا عن العدالة والرفاهية والتغيير بكل أساليبه منذ قيام الجمهورية وحتي الآن. وعلينا أن ننجح ولانرتد للوراء.
