قدرة مبارك علي المتابعة الأمـــل الجــــديد مجمعات زراعية صناعية لمصر

مصر علي أبواب تغيير اقتصادي مميز, ينشر الرخاء والعمران في أنحاء مصر بصحاريها وأراضيها الفضاء, فهي تتجه إلي بناء قري جديدة عصرية, تتسم تجمعاتها بأنها زراعية صناعية.
نصف مليون فدان جديدة للتصنيع الزراعي تزيد قدرة مصر في هذا المجال الحيوي الذي يحفظ إنتاجنا من أن يهدر, وتتيحه للمستهلكين طوال العام.
اجتماع أمس, الذي رأسه الرئيس حسني مبارك وحضره وزراء الصناعة والتجارة والزراعة والري, حمل المؤشر الأول للأهداف التي ستتوالي في برنامج جديد للعمران, يفجر ينابيع الخير للمصريين, فالهدف الأول هو توفير فرص عمل للفلاحين وأبنائهم في قراهم وحول تجمعاتهم, والهدف الثاني زيادة دخولهم ومستوي معيشتهم عن طريق عمل حقيقي.. فزيادة الإنتاج توفر السلع والخدمات, بدلا من استيرادها بمواصفات هشة من الصين أو غيرها, وتصدير منتجاتنا للخارج بأسعار مناسبة وتنافسية تؤدي إلي إعلاء شأن الوطن, فالأوطان لا يعلو شأنها بالسياسة أو الدور أو المكانة علي المسرح السياسي فقط, ولكن شأنها يعلو أيضا بالاقتصاد والمنتجات والخدمات المميزة المبهرة, التي تلبي الاحتياجات وتلهب الخيال وتزيد مكانة المنتجين, والهدف الثالث هو خلخلة التكدس السكاني في الدلتا وخلق تجمعات وفرص عمل في صحراء مصر الشاسعة, وقد كان لي أمل عشت أحلم به, وهو أن تكون لنا قرية مصرية بها ميزة إنتاجية, تميزها, وتغطي مصر كلها, ثم يتم تصديرها للخارج.
كنا جميعا نتمني أن تكون لنحو4500 قرية مصرية ميزات إنتاجية خاصة.. فهذه تنتج الأجبان وتلك تنتج الحلويات.. والثالثة تتميز بالفراولة ومنتجاتها, والرابعة مشهورة بالموز والخامسة تتميز باللحوم الحية والطازجة, وغيرها تنتج كل أنواع الطيور من البط والإوز والدواجن, إلي جانب قري تتميز بإنتاج الأقمشة, حتي فوانيس رمضان كنت أتمني أن تنتجها قرانا في الصعيد والوجه البحري, ولا نستوردها من الصين أو غيرها.. وأيضا سبح الصلاة, وتكون كلها من تصنيع مصر, فتعليم المصريين الحرف يقضي علي البطالة بأسلوب علمي, ويجعلنا بلدا موجودا علي خريطة الإنتاج العالمي ويرفع دخول المصريين ويزيد قيمتهم.
اجتماع الأمس جاء في وقته بالضبط, فقد تصورت الناس أن الضوابط والشفافية علي الأراضي المصرية, لفض الاشتباكات التي حدثت أخيرا, ستوقف عمليات التنمية والنمو وتسلمها إلي البيروقراطية والعودة إلي الجمود مرة أخري..
فقد تأخر مشروع التصنيع الزراعي الذي قدمته وزارة الصناعة في أدراج ومخاوف وزارة الزراعة المترددة لأكثر من عام ونصف عام. فجاءت رسالة الرئيس الجديدة تبعث الأمل في استمرار عمليات النمو والتنمية والعمران في ربوع مصر, فتصنيع المنتجات المصرية الخاصة يعطيها قيمة مضافة, ويعطي للمنتجين مكانة ودورا إذا كانت عملية بيع وتأجير الأراضي وتداولها وتخصيصها عملية حاكمة للمشروعات الجديدة.
وقد أعطاه الرئيس مبارك الأولوية المطلقة في اجتماعه أمس, وجاءت المؤشرات والتوجيهات بأنه طلب من الوزراء المعنيين توحيد الجهات المسئولة عن ملكية الأراضي, وتلك مشكلة مضنية, فالأراضي موزعة بين وزارات عديدة بل بين وزارات ومحافظات.. والجميع يتنافس علي التحكم فيها, وتحصيل الرسوم والأثمان دون تحديد الملكية التي تستمر سنوات تضيع فيها حقوق أصحاب المشروعات.. وفي ظل هذا المناخ والتنازع بين الوزارات والمحافظات يجد واضعو اليد وتجار وسماسرة الأراضي فرصتهم للتحكم ورفع الأسعار وتكوين الثروات من الاتجار في الأراضي, وتحويلها إلي منتجعات ومشروعات ترفيهية وليست صناعية وزراعية, فعندما نسير علي الطرق السريعة سواء الإسماعيلية أو الإسكندرية أو طرق الصعيد أو طرق سفاجا والبحر الأحمر, وحتي علي الطرق الدائرية نجد النمو يتم علي هذه الطرق عشوائيا بلا تخطيط. فأين القري المميزة القائمة وفقا لتخطيط مسبق وشكل حضاري وأسلوب إنتاجي مميز؟.. لاشك أن تخطيط التجمعات الجديدة غائب.
……………………………………
لقد نجحنا في إنشاء33 مدينة جديدة في مصر, وهذا رقم قياسي للمصريين, ونريد أن نري قري صناعية وزراعية جديدة تحمل شكلا ونموا للتنمية والتطور في مصر, ونحترم قري الظهير الصحراوي, ونري شكلا مميزا للتنمية والتطور, فالحقيقة أن المدن الجديدة تحتاج إلي ظهير قروي مخطط يحميها ويستوعب النمو السكاني, والتكدس الكبير الذي أصبح شكلا خطيرا لحياة المدن الكبري المصرية, وبل كل الدلتا والصعيد.. والخروج المصري من نفق الدلتا وأراضي النيل يجب أن يكون منظما, ومخططا حتي لا يكون امتدادا للنمو العشوائي بل يكون نموا وخروجا حضاريا منظما تحكمه الضوابط وليس الواسطات أو المحسوبيات, بل يفتح آفاقا للمستثمرين الجادين والشباب الواعي الذي يعمل بشكل حضاري مع بلديات أو حكم محلي قوي ومميز يتسم بالوعي والتطور, والبحث عن بناء مصر الحديثة بكل كفاءة واقتدار.
وإذا كانت هذه الظاهرة مصرية تعكس قوة المستثمرين ورجال الأعمال في إقامة تجمعات, فيجب أن يوازيها ويعمل معها بلديات محلية قوية قادرة علي تنظيم وحشد وحث الناس بكل طوائفهم علي زيادة الإنتاج والتطور.
والحكومات لا تنمو بالرقابة فقط, وإنما تنمو وتتطور بحث المنتجين وحشدهم للعمل وزيادة إنتاج مصر من كل سلعة, ويجب أن نعي دروس مقاومة إنفلونزا الخنازير والطيور, فلقد كشفت عن ضعف حكومي مزر بالتركيز علي الرقابة وحدها مما أضر بالانتاج وأدي إلي تدهور إنتاج مصر من اللحوم والدواجن, فارتفعت الأسعار وتدهور الإنتاج ولم تستطع الحكومة وأجهزتها الرقابية غير الواعية أن تواجه الفيروسات في كلا المجالين معا, بل شتتت المنتجين في الصحراء بلا خدمات ولا ظروف مهيأة للإنتاج فضعف حجم الإنتاج ولم تنجح الرقابة وحدها في تحقيق الهدف.
……………………………………
إن التنمية وتطوير الإنتاج وزيادة شرائح المنتجين هي الهدف الأول للحكومات, ويجب ألا تعوقها الرقابة والتنظيم.. وبالوعي نستطيع تحقيق الهدفين معا فلانضر بالإنتاج لمصلحة الرقابة, والعكس كذلك صحيح تماما, فحماية ثروات مصر وأراضيها وتنظيمها لا يمنع التوسع في العمران والنمو وإتاحة الفرص للناس للتعبير عن قدراتهم الإنتاجية, وزيادة قدرة الوطن علي الإنتاج ورفع مستوي المعيشة, ولا يفوتنا أن ننوه إلي أن اجتماع أمس تناول قضية المياه واستغلال مياه النيل والمياه الجوفية لزيادة الإنتاج المصري وتطويره وتلافي الآثار السلبية لاستخدامات المياه في الزراعة.. فالزراعة في عالم اليوم لاتنمو بالأرض وحدها, ولكن المياه تسبق الأرض وتقاس قدرة البلاد الزراعية بقدرتها علي استخدام ثرواتها المائية وتنظيمها وحسن توزيعها وعدم إهدارها أو الإسراف في استخدامها.
……………………………………
الاجتماع بالأمس والمتابعة الرئاسية حملا إشارة اطمئنان للمنتجين والباحثين عن فرص العمل والتقدم المعيشي في كل أنحاء مصر.. فزيادة قدرة مصر الإنتاجية عملية مهمة واستراتيجية, وتحظي باهتمام ورعاية ومتابعة الرئيس الشخصية واليومية..وعلي المنتجين أن يشعروا بالسعادة, وعلي المجتمع أن يشعر بالاطمئنان لأن قدرة الرئيس مبارك علي المتابعة قادرة علي تغيير مصر ودفعها إلي الأمام والتقدم باستمرار.
Osaraya@ahram.org.eg
