أنتجـوا غذاءكم

هي رسالة جديدة للحكومة المصرية وأجهزتها ووزرائها, جاءت هذه المرة من موسكو بعد أن أوقفت الحكومة الروسية شحنات القمح المتفق عليها لمصر,
ليس نتيجة أزمة الغذاء العالمية كما حدث منذ عامين.. بل نتيجة أزمة روسية داخلية نتجت عن الجفاف والحرائق الهائلة التي أثرت علي إنتاج روسيا من الحبوب.
الأزمة هنا ليست في ارتفاع الأسعار أو الإخلال بالاتفاقيات, أو تأخر وصول الشحنات وتلبية الاحتياجات الغذائية للمصريين, ولكنها في غياب سلعة حيوية لا تستقيم الحياة بدونها, والحقيقة أنني شعرت بالامتنان للأزمة الجديدة برغم أضرارها البالغة علي المستوي المحلي..وهذا الامتنان مبعثه أن يصل مضمونها ومغزاها للمسئولين المصريين.. وهو معني بسيط وواضح, ولكنه مازال غير مفهوم, ولم يصل بعد لدي بعض المسئولين, وكذلك لدي جمهور المستهلكين المصريين, ومحوره ضرورة الاهتمام بالانتاج المحلي والزراعة المصرية حتي لوارتفعت تكلفتها.. ونحن نلح منذ سنوات لتدعيم إمكانيات الزراعة والفلاح المصري من أجل تلبية جزء حيوي ونسبة لا يستهان بها من الحبوب.
مصر تستطيع بالتنظيم والبحث العلمي إنتاج ما لا يقل عن70% من احتياجاتنا من الحبوب والغذاء عموما بكل أشكاله.. ولكن ملكات المستوردين والتسهيلات التي يحصل عليها المستوردون تؤدي إلي الاكتفاء بالاستيراد بديلا عن الإنتاج ـ أصبحت أقوي في مصر.. وهذا الأسلوب يجب أن يتوقف, فالتسهيلات الحكومية والاهتمام يجب أن يكونا للمنتجين.. وعلي المستهلك المصري أن يغير نظرته للسلعة والخدمة التي يحصل عليها, وأن يهتم بأن يحصل علي السلعة المصرية حتي لو ارتفع سعرها لأنه بهذا الأسلوب يحفظ بقاء الوطن واستقراره كما يوفر وظيفة وعمل لشقيقه ولابنه القادم لسوق العمل.. مصر سوق كبيرة ويجب ألا تفتح سداحا مداحا او علي مصراعيها للسلع المستوردة من كل فج عميق, حتي ولو كان سعر السلعة منخفضا مثل سلع الصين التي تغزو بيوتنا وأجسامنا لأنها رخيصة وبلا مواصفات صالحة وبلا رقابة.. يجب أن يعود الاهتمام بمجالس وروابط المنتجين لكل سلعة خاصة وأولا الغذائية المصرية,( ومنها الحبوب واللحوم والدواجن).. كل شئ مصري يجب ان يكون أولا من أجل مستقبلنا.. ومن أجل أولادنا ومن أجل بلدنا.
الحكومة يجب أن تستيقظ وتركز علي تحويل قرانا ومدننا الي مدن وقري للإنتاج, وأن يكون الإنتاج أولا.. ولا نستهلك إلا ما ننتجه.. مهما يرتفع سعره لان في هذا مصلحتنا ومصلحة بلدنا.. وعندما نستورد أي سلعة حتي لو كانت القمح يجب أن نعاملها علي انها سلعة أجنبية مستوردة, وأن تكون اسعارها بسعر التكلفة حتي لا نهدرها ونرفع قيمتها.. لا نريد حل مشكلة الرغيف بالبحث عن أسواق جديدة للاستيراد ولكن بترشيد الاستهلاك وزيادة الإنتاج المحلي.. يجب أن يعود للسوق المصرية الخوف والقلق من المستورد لأنه يضر الجميع.
أدعوكم بمناسبة شهر رمضان ـ كل عام وأنتم بخير ـ ألا نستهلك إلا إنتاج بلادنا, وان نكف عن التوسع في السلع والمنتجات المستوردة فمصر قادرة علي إنتاج غذائها, وعلي الحكومة والشعب ان يدركوا ان هذا ليس شعارا ولكنه حقيقة نحن نعرفها ولكن لمصالح لوبي الاستيراد تناسيناها.. توقفوا عن استخدام السلع والخدمات المستوردة, وانظروا للإنتاج المصري وحده..
Osaraya@ahram.org.eg
