في مؤتمر الحزب الوطني أسعار جديدة للقمح والذرة والقصب والأرز لمصلحة الفلاح

فنحن نعرف أن الحياة تغيرت في بر مصر بالكامل, وإذا نظرت إلي الصورة في كل محافظاتنا, في مختلف القري والمدن المصرية, فسوف تجد حياة راقية, بل إن معدلات النظافة, بتضافر الجهود بين الناس, قد تكون أفضل من أحياء القاهرة أو المدن الكبري, لأن المحليات المصرية تحاول الآن أن تثبت وجودها.
والأهم أن مستوي المعيشة في الريف ينافس الحضر.. وتستطيع أن تلاحظ ذلك بصورة واضحة, فمحلات القري تعرض نفس منتجات المدينة من السلع الغذائية الاستهلاكية.. وهذا تطور معيشي ملحوظ للكافة, وكذلك الخدمات في الكهرباء والمياه, فهناك تركيز حكومي يعمل علي رفع مستوي معيشة الفلاحين المصريين في الصعيد والدلتا, بزيادة الخدمات, وتوفيرها للجميع, بمساواة كاملة, وبالقطع ففي قنا والإسكندرية والمنصورة وبقية المحافظات توجد شوارع وأرصفة أفضل من القاهرة.. أما نظافة شوارع الأقصر وأسوان فحدث بلا حرج.. هذا علي سبيل المثال.
لكن الموضوع الذي أطرحه اليوم, وتأخرت عن طرحه أمس, مع زملائي في الصحف القومية الأساتذة محمد بركات, ومحمد علي إبراهيم, وعبدالله كمال,, في إطار رؤية مشتركة, لتحتل الحقيقة الأولوية في مصر.. فهو أن المؤتمر المقبل للحزب الوطني انتهي من إعداد سياسة جديدة, خاصة بتسعير محاصيلنا الزراعية الرئيسية, وستطرح خطوطها الرئيسية, في خطاب الرئيس مبارك في افتتاح المؤتمر صباح السبت المقبل.
وستحدث مناقشة مع أعضاء المؤتمر, حتي نعيد المكانة للقطن المصري طويل التيلة علي أرضه, ولا نسمح بتهميش هذا المنتج لمصلحة الأقطان المستوردة, ونحن نعلم أن الفلاح المصري عايش هذا المحصول طويلا, ويفتخر بمنتجه من القطن المصري, وإذا كانت قد ظهرت موضات في وزارة الزراعة للتقليل من شأن هذا المنتج في الزراعة المصرية, فإن الرأي الصحيح انتصر لمصلحة الفلاح, وسيعود القطن, ليحتل مكانته في سلم الأولويات المصرية, إنتاجا, وتصديرا, وفتحا للأسواق العالمية أمام فتلته النقية المميزة, وستعود المحالج المصرية كي تعتمد عليه.. مهما يكن فكر وزير الزراعة الحالي.
هكذا سوف يتم الاحتفاظ بأسعار مناسبة لتوريد الأرز, بحيث نحافظ علي إنتاجنا بكميات مناسبة ونحتفظ بأسواق التصدير فنحقق التوازن في عملية الإنتاج.. مع المعرفة الدقيقة بأن محصول الأرز يحتاج إلي كميات كبيرة من المياه, والزراعة في مصر عليها أن تحسب تكلفة المحصول والمياه معا.. حتي نصدر الأرز ولا نصدر المياه, فعندما تزيد الكميات المصدرة يعد ذلك استغلالا وهدرا للمياه فتحدث خسائر اقتصادية, لأن المياه في بلدنا متوافرة أمام الفلاح دون حساب للتكلفة الحقيقية…
السياسة الجديدة سوف تحفظ حقوق الفلاح, وتحافظ علي استمرار إنتاجه, وفي الوقت نفسه تراعي كل الجوانب الاقتصادية الحاكمة للتسعير.. وهذه السياسة ستكون محكمة, بحيث ترفع مستوي معيشة الفلاح, وتحقق أهداف الدولة, وتحافظ علي استهلاك المياه.
وينبغي أن نشيد بممثلي الفلاحين في الحزب الوطني, الذين عبروا بكفاءة واقتدار عن وجهة نظر المنتجين من الفلاحين, ووصلت رؤيتهم إلي متخذي القرار, خاصة في محصولي الأرز وقصب السكر.. والأول حياة الفلاحين في الدلتا, والثاني حياة الفلاحين في الصعيد.. وستكون هناك سياسة سعرية لتوريد المحصولين بما يحقق الرضا للفلاح, والزيادة للإنتاج الزراعي في هذين المحصولين المهمين علي صعيد الزراعة في مصر.
وعلي المسار نفسه ستعطي الحكومة للفلاحين حقوقهم في محصولين مهمين آخرين هما القمح والذرة, حتي لايكون هناك عجز فيهما.. لنقلل من الاستيراد ونعطي الفلاح المصري فرص المنافسة مع المنتجين الزراعيين في العالم, وتضمن هذه السياسة الجديدة للفلاح ألا يتأثر بالتذبذب السعري بالانخفاض والارتفاع.. والأهم بالنسبة للفلاحين هو حماية بنك التنمية والائتمان الزراعي, فهو بنك الفلاح, ويجب أن يظل داعما للمنتجين.. وألا يتعرض للاهتزاز.. وفي نفس الوقت, فإن قوة البنك الحقيقية ليست في أسعار الفائدة التي يقدمها.. أو في طول مدة القروض فحسب, بل في دعم الفلاح, وتسهيل حصوله علي مستلزمات الإنتاج في نهاية الأمر.
إن حقوق الفلاحين وحماية مستقبلهم الاقتصادي ستكون هي الرؤية الاستراتيجية, والرسالة القوية التي سيرسلها الحزب الوطني إلي المنتجين الزراعيين, عماد الاقتصاد المصري.
فلن يدفعوا ثمن الخسائر التي تلحق بالقطاعات الأخري, ولن يسمح أحد بأن يكونوا ضحايا الأزمة العالمية للاقتصاد أو للغذاء, فهم عماد اقتصادنا, كما أن تطوير الصناعة والمدن لن يكون علي حساب الزراعة والقرية, كما تعودت مصر في الماضي, فهذه سياسة عقيم تخلصت منها مصر, عندما وضعت تصوراتها العملية التي تقوم علي إصلاح اقتصادي حقيقي.
لكن الأهم, والذي ندعو إليه, هو أن تكون هناك مشاركة للفلاحين والزراعيين الحقيقيين في وضع السياسة.. فمن يضع السياسة الزراعية هم المنتجون الحقيقيون, وهم الفلاحون المزارعون, وغيرهم يمتنعون.
الرؤية الجديدة.. تعيد الاحترام إلي الفلاح المصري.. إلي الزراعة المصرية, وتحقق حلمنا بأن نعود لإنتاج غذائنا, وليس استيراده من الخارج, وبها نحافظ علي مكانة الأرض القديمة التي تنتج محاصيلنا الغذائية الرئيسية: القمح, والفول, والعدس, والأرز, والذرة, والبصل.. والأرض الجديدة الصحراوية التي سيتم التركيز فيها علي زراعة الخضر والفاكهة.. وهذه السياسة الجديدة تدعونا إلي أن نطلب من الحكومة أن يكون من يتولي مسئولية الزراعة, ويخطط لها, هم الفلاحين من المنتجين والزراعيين.. ومن يعرفون مصر القديمة المنتجة, وليست مصر المستوردة للغذاء.. إننا نريد أن نري الزراعيين في المقدمة وليس التجار.. فهكذا عشنا, وهكذا تعلمنا!
