الرئيس القبرصي” ديمتريس خريستوفياس” في حوار مع ” أسامة سرايا”: نسعي للاستفادة من حكمة الرئيس مبارك
الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس في حديث لـ أسامة سرايا: نسعي للاستفادة من حكمة الرئيس مبارك ومكانته التاريخية بين زعامات العالم زيارتي لمصر تستهدف دعم العلاقات التجارية والسياحية والمؤشرات تؤكد استثمارات ناجحة متبادلة.
أبدي الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس سعادته بلقاء الرئيس حسني مبارك قائلا: إننا نحترم فيه الزعامة التاريخية التي باتت نادرة في وقتنا الحالي.
وفي حديث للأستاذ أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام قال الرئيس القبرصي الذي اختتم زيارته لمصر: سوف ننجح في مسعانا لدعم العلاقات التجارية بين البلدين, التي أري أنها لا ترقي إلي مستوي العلاقات السياسية الحميمة.
وتحدث الرئيس القبرصي مطولا عن جهود بلاده في قضية إعادة توحيد قبرص, مؤكدا الرغبة في حل القضية في القريب العاجل, إلا أنه يري أن ذلك يتطلب نيات حسنة, واستعدادا ورغبة من الطرفين. في الوقت نفسه, أكد الرئيس ديمتريس خريستوفياس تطابق موقف بلاده مع الموقف المصري تجاه القضايا العربية كافة.
كما أشار إلي أن النظام المصرفي في قبرص لم يتأثر بالأزمة العالمية الحالية, مؤكدا أنها أزمة اقتصادية, وقد اتخذت بلاده إجراءات لدعم الاقتصاد.
وكان الرئيس ديمتريس قد التقي الرئيس حسني مبارك, وتباحثا حول الأوضاع الإقليمية وسبل دفع العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.
وتم تنظيم ندوة لرجال الأعمال بين الغرف التجارية في البلدين, قال الرئيس القبرصي إنه تبين من خلالها وجود مؤشرات لاستثمارات ناجحة متبادلة.
في الوقت نفسه, تم توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وقبرص لتدريب الكوادر القبرصية في مجالات البحث والاستكشاف عن البترول.
..وإلي نص الحديث:
الأهرام: نرحب بكم في القاهرة,.., نود أن نبدأ الحديث بالإشارة إلي أن العلاقات بين مصر وقبرص تعود إلي زمن طويل,.. والسؤال:ما هي سبل دعمها وتطويرها خاصة في المجال التجاري, وما هي مجالات التعاون المحتملة الأخري ؟
الرئيس: العلاقات التجارية بين البلدين لا ترقي إلي المستوي الذي يتطلع إليه الجانبان. ولا ترقي إلي مستوي العلاقات السياسية الحميمة بين الجانبين, والتي تمتد إلي عقود مضت. وزيارتي الحالية لمصر, تستهدف دعم العلاقات التجارية والسياحية بين البلدين وأعتقد أننا سننجح في مسعانا هذا. وقد تم تنظيم ندوة لرجال الأعمال بين الغرف التجارية في البلدين, تبين من خلالها وجود مؤشرات لاستثمارات ناجحة متبادلة.
نرغب في التعاون علي جميع الأصعدة
الأهرام: هل تطرقت المحادثات بينكم وبين الرئيس مبارك إلي دور مصر في الاتحاد المتوسطي في ظل الرئاسة المشتركة المصرية الفرنسية للاتحاد؟
الرئيس: سعدت بلقاء الرئيس مبارك, ولا أبالغ في القول بأن هناك’ كيمياء’ جمعت بيننا. فنحن متفقان في الرؤي وفي النظر إلي القضايا وفي النضال. ونرغب في التعاون المشترك علي كل الأصعدة, بما في ذلك التعاون في استثمار المنطقة المشتركة في البحر المتوسط الغنية بالغاز الطبيعي. ونسعي للاستفادة بحكمة الرئيس مبارك, ومكانته بين زعامات العالم, ونحترم فيه الزعامة التاريخية التي باتت نادرة في وقتنا الحالي.
25 لقاء مع الزعيم القبرصي التركي
الأهرام: هل لكم في أن توضحوا لنا فلسفتكم في الفترة القادمة علي صعيد إعادة توحيد قبرص؟
الرئيس: شهدت فترة الخمس سنوات الماضية جمودا علي هذا الصعيد; فلم تكن هناك لقاءات بين الجانبين. وبداية, فإننا نجحنا في كسر الجمود المشار إليه, وذلك من خلال لقاءات بين مجموعات عمل بين الجانبين, قبل أن تبدأ اجتماعات بين زعماء الجانبين. فمنذ شهر سبتمبر الماضي, نظمنا أكثر من25 لقاء بيني وبين الزعيم القبرصي التركي محمد علي طلعت, حيث ناقشنا قضايا متعلقة بالأزمة, بما في ذلك أزمة ممتلكات علي الجانبين, واللاجئين, والمستوطنين, والأمن. باختصار, فنحن نبحث كيفية تطوير دولة قبرص الموحدة إلي جمهورية فيدرالية اتحادية. وحتي الآن, فإنه توجد قضايا اتفقنا عليها, وأخري لم نتفق عليها.
المشكلة تتمثل في’ أحلام’ بعض الأوساط في تركيا التي تطالب بقيام دولتين في قبرص علي أساس كونفيدرالي, وهو الطرح الذي لا نقبله. فالزعيم القبرصي التركي محمد علي طلعت يقول بدولة فيدرالية اتحادية ذات سيادة واحدة وجنسية واحدة وهوية دولية موحدة, ولكنهم في أنقرة يتحدثون عن دولتين. وبالتالي, فإن حل القضية يتوقف علي تركيا.
الزمن لايعمل في صالح القبارصة
الأهرام: ألا يوجد جدول زمني محدد للانتهاء من المحادثات بين القبارصة اليونانيين والاتراك؟
الرئيس: كنا نتمني أن نحل القضية في القريب العاجل, ولكن هذا يتطلب نيات حسنة, واستعدادا, ورغبة من الطرفين. وللأسف, فإن الزمن لا يعمل في صالح القبارصة. نحن نريد حلا فوريا, إلا أن رغبتنا تلك لا تعني القبول بحلول غير سليمة, أو بتقديم تنازلات غير مقبولة. نحن نطالب بدولة قابلة للحياة تصان فيها حقوق الإنسان لكل مواطنيها. ومرة ثانية فإن مفتاح حل القضية موجود في تركيا.
الأهرام: بعد اجتماعكم أكثر من25 مرة مع محمد علي طلعت زعيم القبارصة الأتراك, هل طورتم علاقات شخصية معه تساعد علي حل القضية؟
الرئيس: لدي علاقات شخصية مع السيد محمد علي طلعت منذ زمن طويل, حيث ناضلنا سويا ضد أفكار ومواقف الزعيم القبرصي السابق رؤوف دنكتاش المتعصبة, وكانت العلاقات بين حزبينا قوية علي هذا الصعيد. في ذلك الزمان كنا متفقين علي رؤي لحل القضية القبرصية, إلا إنه اتضح أن السيد طلعت ليس حرا لكي ينفذ هذه الأفكار التي اتفقنا عليها منذ زمن; فهو يبدي مواقف متغيرة, وهو ما أدي إلي تدهور العلاقات السياسية فيما بيننا, ولكن تبقي الصداقة قائمة.
رغبتنا أن نتحدث مع تركيا
الأهرام: ألا توجد علاقات بينكم وبين أنقرة, وتحديدا مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لحل المشكلة القبرصية؟
الرئيس: سؤال جيد جدا, فرغبتنا ـ وكذا كانت رغبة الرئيس القبرصي الراحل بابا دوبلوس ـ هي أن نتحدث مع تركيا; فهي التي تحتل شمال قبرص, متجاوزة بذلك قرارات مجلس الأمن. وقد اقترحنا علي الرئيس عبد الله جول ورئيس الوزراء طيب أردوغان أن نجلس سويا ونتحدث بعيدا عن وسائل الإعلام, ولكنهم يرفضون, بزعم أنهم لا يعترفون بجمهورية قبرص, ومازالوا لا يسمحون بدخول السفن والطائرات القبرصية إلي الموانيء والمجال الجوي التركي. ومرة أخري, فإن رغبتي الشخصية هي أن أجلس معهم وأتحدث لهم مباشرة, وسوف أحاول دائما تحقيق ذلك.
الأهرام: هل تستعينون بجهود كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للتوصل إلي حل لهذه القضية؟
الرئيس: نحن نحاول مع أصدقائنا في الجانبين, ولكن علي الجانبين أن يدركا ان التعنت التركي هو في النهاية ضار بتركيا ذاتها. من ناحية أخري, فإن للولايات المتحدة مصالح ضخمة في تركيا. وفي هذا الإطار, فإنه جدير بالذكر توضيح أن إدارة الرئيس السابق جورج بوش لم تكن تكن صداقة كبيرة لقبرص.
ندعم تاريخيا الحقوق الفلسطينية
الأهرام: ما هو موقف قبرص من قضايا المنطقة العربية وعلي رأسها القضية الفلسطينية والعراق وقضية دارفور؟
الرئيس: بالنسبة للقضية الفلسطينية, فموقفنا واضح ويتماشي مع الموقف المصري. فالفلسطينيون لهم الحق في دولة مستقلة علي أساس قرارات مجلس الأمن الدولي. وتاريخيا, طالما وقفنا داعمين للحقوق الفلسطينية, ولعل مواقف الزعيم القبرصي الأسقف ماكاريوس مازالت عالقة في الأذهان. وهذه السياسة القبرصية مازالت قائمة حتي اليوم. وقد شاركت شخصيا في العديد من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين, كما نظمت احتفالات لمناصرة قضيتهم, بالإضافة إلي المساعدات التي تقدمها قبرص للشعب الفلسطيني, وهو ما ينسحب علي الموقف الداعم لمصر للقضية القبرصية.
وبالنسبة للعراق, فأنا أري أن الولايات المتحدة أقدمت علي تجاوزات صارخة لكافة القرارات والمواثيق الدولية, بما في ذلك من غزو واحتلال بزعم وجود أسلحة دمار شامل, ومحاكمة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. فالشعوب فقط هي التي من حقها تقرير مصيرها, ولا يتطلب ذلك تدخلا خارجيا. فالوجود الأمريكي في العراق لم يقدم سوي الدم والدمار, وأتمني علي الرئيس باراك أوباما أن يفي بوعوده وينسحب بقواته وجميع القوات الأجنبية من العراق.
وبالنسبة للسودان, فأنا مستاء من كافة ما يجري هناك. وأتمني أن تثمر مساعي الرئيس حسني مبارك هناك عن السلام والاستقرار في السودان.
الأزمة الاقتصادية نتيجة فوضي في الاسواق
الأهرام: ما تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية علي قبرص ومنطقة البحر المتوسط؟
الرئيس: نحمد الله علي أن النظام المصرفي في قبرص لم يتأثر بالأزمة الحالية. ولكن يجب أن نوضح أن الأزمة الحالية ليست فقط أزمة مالية, وإنما هي أزمة اقتصادية ناتجة عن فوضي في الأسواق; فالأزمة هي أزمة اقتصاد. فنظام العولمة حول العالم إلي قرية واحدة وبالتالي, يتأثر العالم كله من هذه الأزمة. ومن هنا يأتي التأثير علي قبرص, كما يحدث التأثير علي مصر. وقد اتخذنا إجراءات لدعم اقتصادنا, وهو ما سيجعل الهبوط في معدل النمو في قبرص لا يتعدي2% فقط; أي أنه بدلا من أن يصل كما هو مفترض إلي4%, فإنه سيصل إلي2% وبالطبع, فإن هذه الأزمة تضغط علي الحكومة المنتخبة الشعبية التي تقوم سياساتها علي ضمان وكفالة رفاهة كل أفراد الشعب.

