إسبانيا.. والجانب الصحيح للتاريخ!

السبت 28 من ربيع الأول 1447 هــ
العدد 50692
من ينسى إسبانيا فى عالمنا، وتاريخنا معها ملىء بصفحات التعاون والشجن، فإسبانيا أوروبية، ولكننا نحن الشرقيين عشنا نحلم بها، واعتبرناها جزءا من عالمنا تنتمى إلينا فى حوض البحر المتوسط مثلما كانت أيام الأندلس. لقد خطفتنا زيارة الملك الإسبانى للقاهرة، والتى كانت حدثا سياسيا بارزا نعبر فيه للإسبان (ملكا، وحكومة، وشعبا) عن امتناننا للدور الإسبانى فى دعم قضيتنا الفلسطينية، خاصة ما بعد حرب الاحتلال الإسرائيلى على غزة التى تؤلمنا، ومازالت، لأن ما يحدث هناك هو نقطة سوداء فى جبين الإنسانية، والعالم كله.
كما كانت صورة الرئيس عبدالفتاح السيسى، والسيدة قرينته، مع الملك فيليبى السادس وقرينته، فى زيارتهما لمصر، والأهرامات المصرية خلفهم، وأبوالهول يحرسها (فى صدر الأهرام)- أقوى من أى خطاب سياسى، بل التعبير الأهم عن احترام، ومحبة، وتقدير المصريين للدور الإسبانى، وتقدير الإسبان لمصر فى حراسة القضية الفلسطينية، وكان الرد المصرى بالمثل، فقد شعرنا، كما قال رئيسنا، بأن إسبانيا كانت على الجانب الصحيح من التاريخ.
لقد كانت زيارة الملك الإسبانى لمصر أول زيارة دولة، وقد كانت فرصة تاريخية لترجمة هذه المشاعر، ولأنها تتم كذلك وسط مواجهة إسبانية لإسرائيل على أصعد عديدة دبلوماسية، واقتصادية، وتسليحية، وحتى رياضية، وفنية، حيث لم تكتفِ إسبانيا لتكون من أولى الدول التى اعترفت بالدولة الفلسطينية، حيث بادرت بالاعتراف فى عام 2024، ولكن عندما تفاقمت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة استدعت سفيرها فى إسرائيل، وقد حدث ذلك فى الأسبوع الماضى، ويوصف الآن رئيس حكومتها بيدرو سانشيز بأنه الرجل القوى فى أوروبا، حيث يدعو لمعاقبة تل أبيب، كما بادر بإلغاء صفقة أسلحة بأكثر من 700 مليون يورو، وهو من يطالب الأوروبيين بتوقيف الإسرائيليين، ومحاكمتهم، ويصف جرائمهم فى غزة بأنها وثيقة الشبه بحرب رواندا التى راح ضحيتها 800 ألف شخص، معظمهم من عرقية التوتسى، أو الهوتو المعتدلين، بل يدعو إلى استبعاد إسرائيل من المشاركة فى المنافسات الرياضية مادامت الهمجية مستمرة فى قطاع غزة، وستنجح إسبانيا فى محاصرة إسرائيل فى كل المجالات، وتمنعها من المشاركات الدولية.
