المعلومات.. والإعلام!

الثلاثاء 25 من صفر 1447 هــ
العدد 50660
من دون تجديد المعلومات فى المجتمع يفقد الناس بوصلتهم، ويكونون عُرضة للشائعات والأبواق الخارجية التى تبث سمومها، وقد لمس الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى اجتماعه الأخير مع قيادات الإعلام، هذا الوتر الحساس الذى هو، فى الوقت نفسه، الوقود الأساسى لمهنة الصحافة والإعلام. لقد تلقيت رسالة تحمل خبرات صاحبها، الذى هو، فى الوقت نفسه، أستاذ وخبير معلومات، الأستاذ أبوالسعود إبراهيم، الذى كان على رأس قسم «المعلومات والأرشيف» فى صحيفة «الأهرام» لأكثر من نصف عمره، أطال الله فى عمره، وزادنا من خبراته العميقة، أنشر مقتطفات منها: فى عالم تتسارع فيه الأحداث، وتنتشر الأخبار فى ثوانٍ عبر الهواتف الذكية، أصبحت المعلومة الدقيقة والسريعة سلاحًا لا يقل أهمية عن أى تجهيزات ميدانية فى مواجهة الأزمات، فالمجتمع الذى تُتاح له الحقائق أولًا بأول يتحرك بثقة، ويتخذ قراراته على أسس صحيحة، بينما المجتمع الذى تُحجب عنه المعلومة يعيش فى فراغ يملؤه الخوف، والشائعات، والمعلومة أمان واستقرار، وإتاحتها وقت الأزمات ليست ترفًا سياسيًا، بل واجب وطنى، وحين يعرف المواطن الحقيقة من مصدر موثوق يطمئن، ويتصرف بعقلانية، ويكون أكثر استعدادًا للالتزام بالإجراءات المطلوبة، وهذا ما يجعل الإعلام شريكًا لا غنى عنه للدولة، لا مجرد ناقل للأحداث بعد وقوعها. فمثلا فى الكوارث الطبيعية، أو الأزمات الصحية، أو الحوادث الكبرى، قد تعنى سرعة المعلومة الفرق بين الحياة والموت، وإخلاء منطقة قبل فيضان، أو فرض إجراءات وقائية قبل انتشار وباء، أو تحذير سكان من عاصفة قادمة – كلها خطوات تعتمد على تدفق المعلومات للإعلام، ثم للجمهور بلا تأخير، وهناك دروس مستفادة كثيرة، فمثلا فى جائحة كوفيد-19 (2020) ساعدت بيانات وزارة الصحة اليومية فى التوعية، والوقاية، وفى سيول عام 1994 أربك تأخر وصول المعلومات الرسمية جهود الإنقاذ، وترك المواطنين فى مواجهة أخبار متناقضة عن حجم الكارثة، أما فى تشيرنوبيل (1986) فقد ضاعف التعتيم على الكارثة النووية فى الاتحاد السوفيتى الخسائر، وترك ملايين الأشخاص بلا حماية. وأخيرا، المعلومة مسئولية مشتركة بين الدولة ووسائل الإعلام، وعلى السلطات أن تعلن الحقائق بسرعة وشفافية، وعلى الصحافة أن تتحقق منها وتعرضها بوضوح بعيدًا عن التهويل، أو الإثارة، فهذه الشراكة هى خط الدفاع الأول فى أى أزمة.
