وقفة مع أبوالطيب..!

الثلاثاء 2 من شوال 1446 هــ
العدد 50520
يجول، ويحضرنا فى ذاكرتنا الحية، والمتجددة شطر بيت أبوالطيب المتنبى، أشعر العرب، «بأى حال عدت يا عيد.. بما مضى أم بأمر فيك تجديد» ليس لكى نفتش فى مآسينا، ولم يكن دعوة من شاعرنا الأعظم لكى نحزن، ولكن وقفة تأمل لكى نُقيّم أمورنا، ونزينها، ونصلحها، فتلك لم تكن قصيدة عابسة، أو مكفهرة، كما حاول البعض أن يصفها، سواء للتقليل من المتنبى أو كافور الإخشيدى (905- 968 ميلادية) الذى كُتبت فيه القصيدة الشهيرة للمخاصمة بين الاثنين، فلا يلزمنا مدح أو هجاء الإخشيدى، ولكن تلزمنا المعانى العميقة التى تأسرنا، وترجمها المتنبى لنا عبر السنين، فالعيد بالتأكيد فرصة للفرح يجب ألا تفسده قصيدة، أو مقال، أو فيلم، أو مسلسل، أو حتى حوادث، وعوارض، ونوازل الأيام وحروبها، لأنه من دون السعادة، والفرح لن نغير شيئا، وسنجعل حياتنا تعيسة، بل ستحيط بنا الأيام الراهنة وكوارثها المستقبلية فتُلقى علينا ظلالا من اليأس والتشكيك فى إمكانات تغييرها، وصناعة مستقبل مشرق لهذه الأمة وعالمنا، وأن نشارك الدنيا فى التغيير، والبناء، وفى الحوار الحضارى الراهن، والمستقبلى.
ومن هنا، فإننى أقول للأشقاء فى فلسطين إن الطائرات التى ضربت غزة، ودمرت حياة أهلها لن تُطفئ شعلة الأمل فى مستقبلهم، بل كل العرب.. لن تطفئ أخطاؤنا، وتوحش أعدائنا شعلة النور التى ستُشع من جديد على كل ربوع العالم العربى، فبعد سنوات اليأس، والشقاء ستعود فلسطين، وستعود غزة وتنهض من تحت الركام، فتعميرها، وبناؤها، والحفاظ على أهلها قمة طموحنا، بل هو مستقبلنا، ولن نحيد عنه، ولن نقبل أن يطمس فريق من المجرمين فى إسرائيل آمال أطفال غزة، فدماء الأطفال ستجدد غزة، وستزهر من جديد، وسوف نزور غزة لنسعد بأهلها، ففلسطين غسلها كل أهلها بدمائهم، وأصبح واضحا أمام الجميع أنه لا يمكن أن يكون هناك تعايش، أو سلام، أو استقرار إقليمى فى منطقة الشرق الأوسط على أنقاض غزة، أو على دماء الفلسطينيين فى غزة، والضفة، والقدس، فدماؤهم هى طريق صعود فلسطين. لذا، فإن قلوبنا فى أيام العيد مشدودة نحو فلسطين، وسوريا، ولبنان، واليمن، والسودان، وكل بؤرة حرب فى منطقتنا نحن معها حتى تعود، وتستقر بلادنا من جديد.
