2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

الليث.. وإشارة ماسبيرو من المسلمانى!

الأربعاء 26 من رمضان 1446 هــ
العدد 50514
لا أخفى اهتمامى بالإمام الليث بن سعد، وأعتبره فقيها مصريا يحمل روح المصريين فى فتواه، وتفكيره الدينى، ورؤاه فى تفسير الدين، بل إن له مذهبا، وخصائص مميزة جدا فى عصره، وللعصور التالية، فالليث بن سعد من أبرز فقهاء الحديث، ولد فى القرن الثانى الهجرى فى مصر وتوفى بها، واشتهر بعلمه الغزير، وفقهه الوسطى الواسع، وكان له مذهب فقهى مستقل لم ينتشر بمرور الزمن لأنه لم يكتبه، ونقل عنه، ويتميز بالتيسير ومراعاة أحوال الناس، ونقل لى والدى اهتمامه بالليث فانضممت إلى مسجده بمدينة نصر لكى أتعلمه.

أعجبنى جدا القرار الحاذق الذى اتخذه أحمد المسلمانى، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، عندما أطلق اسمه على جامع ماسبيرو بعد تجديده، فى إشارة إلى الاهتمام بهذا العالم الإسلامى المصرى الخالص، وأتمنى من الأزهر، هو الآخر، أن يشكل لجنة لإعادة قراءة، وكتابة العالم الليث بن سعد من جديد حتى يكون متاحا للأجيال الجديدة، فهو العالم الذى وصفه ابن كثير قائلا «لم أر مثل الليث»، وكان له تلاميذ كثيرون، لعل منهم عالمنا الجليل الإمام الشافعى الذى معظم أهل السنة يعتنقون مذهبه، ونتوقف أمامه لأنه كان يعتمد القياس فى استنباط أحكام الشريعة، ولكن بحذر شديد، ويراعى الاعتدال، ولم يكن متشددا ولا متساهلا.. يقول الإمام الشافعى «الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به، وآراؤه تتميز بالاجتهاد، والتجديد، وكانت تهدف إلى تحقيق مصالح الناس، ورفع الحرج عنهم».

لقد انشغل الليث بالتدريس، ونسى التأليف، واعتمد على التلقين الشفهى، وعدم تدوين تلاميذه لمذهبه عرضه للضياع، لذلك فإن دراسة الليث، وعرض مذهبه ستكون إضافة عبقرية للأزهر الشريف، وكلنا يُقدر أن سر عبقرية الأزهر هى فكرة تعددية المذاهب، وهى سر نجاحه عبر ألف عام، وأخيرا، فإن الليث بن سعد مذهب دينى مصرى اعتدالى إصلاحى سيكون مفيدا جدا إن أصدره الأزهر فى كتاب، ويعيد إجازة التعبد بالمذهب الليثى.. إنه ثورة إصلاحية دينية نحتاجها الآن للتعايش بين الأديان، واحترام الحضارة الإنسانية، والقيم الأخلاقية، فكل التحية لمن يعيد الليث بن سعد للحياة، والتداول الفكرى، والفقهى.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى