لايزال التاج ملهما..!

الثلاثاء 19 من شوال 1444 هــ
العدد 49827
امتحن الإنجليز أنفسهم، واختبروا التاج الإمبراطورى، ووجدوه مازال ملهما لبلادهم، والعالم.
فى حفل بسيط، وسريع، لكنه اتسم بالهيبة، والأصالة، جعل الملك تشارلز الثالث، سليل أقدم عائلة ملكية، ويندسور محط أنظار العالم، وأنها مازالت حية، وتعيش بيننا منذ أكثر من 1000 عام، فهو ملكها، أو وريثها الأربعون، مفتتحا عصرا جديدا لهذا البلد الذى عاش جُل عمره إمبراطورية، ومازال العالم، خاصة الغربى، يتكلم لغته، ويرى العراقة فى بريطانيا.
عموما لا يخلو أى حدث كبير من انتقادات، فنحن فى عالم مفتوح، والحرية مكفولة للجميع، وأبرز هذه الانتقادات كانت عن تكلفة تتويج الملك الجديد، لكن هؤلاء المنتقدين نسوا، أو تناسوا، أن صادرات بريطانيا الثقافية تتعدى ٥% من دخلها كله ( 10٫5 مليار جنيه إسترلينى)، أما إبداعها، الذى ينتمى إليه هذا الحفل النوعى، وتراث الملكية، فإنه يتعدى الـ ١١٢ مليار جنيه إسترلينى، صحيح أن بريطانيا فى أزمة ثلاثية (البريكست، وكوفيد- 19، وحرب أوكرانيا وروسيا)، لكن الحفل والتتويج كان بمثابة روح لإنجلترا، والإمبراطورية القديمة، وقد حاول المنتقدون أن يقللوا من مستقبل الملك الجديد، لكن شعبية إليزابيث الثانية (أمه)، بل زوجته الراحلة (ديانا) وراءه، كما قالوا إن الملكية كلها معرضة للاندثار لسنه الكبيرة ( ٧٤ عاما)، فإذا بتشارلز الثالث يثبت أن عينه على العصر الجديد، وعلى الشباب، فهو يتبنى ثقافتهم، وقيمهم، وسيدمجها فى تحدياته، ويتجاوز رحيل أمه، وأزمة زوجته السابقة.
لقد تكلم حفل تتويج الملك الجديد بكل اللغات، رغم أن الإنجليزية لغة العالم كله، وهو رأس الكنيسة الإنجليزية، وقد حرص على تمثيل كل الأديان فى عالمنا (رئيس وزراء بلاده هندى، وديانته الهندوسية، ورئيس إسكتلندا مسلم باكستانى)، كما أثبت الملك الجديد أنه قادر على أن يهضم العالم كله فى حفل تتويجه، ويحترم كل الثقافات، ويرنو إلى المتغيرات البيئية، والاقتصادية الجديدة، كما أن العرض العسكرى، والطائرات أعطيا لمحة للقوة البريطانية لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، فسلاح الجو، والحرس الملكى، والمخابرات البريطانية قالت بهدوء نحن هنا.. ولا غنى عنا للقوى المؤثرة فى العالم المعاصر.
