2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

الإذاعة.. والشيخ رفعت!

الخميس 12 من ذي القعدة 1444 هــ
العدد 49850
أؤمن تماما، وعن يقين، بأن أى وسيلة إعلامية لن تستطيع أن تلغى وسيلة أخرى، بل تكملها، وتساعد على انتشار الوعى، وصناعة التقدم.

ما دعانى إلى قول ذلك، أنه فى مثل يوم أمس ( ٣١ مايو ١٩٣٤) صدح صوت مصر عاليا خفاقا يرفرف حول عقولنا: هنا القاهرة، البث الإذاعى الأول فى المنطقة العربية الذى ميِّز مصر، وأبرز نجومها الزاهرة، والساطعة، والذى يعيش معنا حتى الآن، وصنع هوية مصر، وقوتها.

لقد مر أمس على المرسوم الملكى الذى أعطى ترخيص العمل الإذاعى ٨٩ عاما، حيث سمعنا الإذاعى القدير أحمد سالم وهو يذكرنا بالقاهرة التى نعيش فيها، وتعيش فينا.. ناطقا هنا القاهرة بأجمل صوت، وأقوى تعبير.

لله دَرُّهُم الذين فكروا فى الإذاعة، لأنهم كانوا يملكون الوعى، والحس الإعلامى الفائق، والكامل، وقدموا لنا الجوهرة الشيخ محمد رفعت بصوته الساحر (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، وحتى نعرف قيمة السبق الإعلامى المهم للتاريخ؛ فإن الإذاعة البريطانية سارعت إليه، وطلبت منه تسجيل القرآن الكريم بصوته لها، وأن يحدد ما يطلبه ثمنا لذلك، لكن شيخنا شعر بالمسئولية الوطنية، والدينية عن حنجرته الذهبية، وما يملكه من صوت يشع بالإيمان، وعندما أفتى الأحمدى الظواهرى شيخ الأزهر بجواز تسجيل الصوت سجل لها سورة مريم.

العجيب أن أصحاب الصحف فى العالم عندما ظهر الراديو خافوا على توزيعهم فحاربوه إلى أن تيقنوا أن الراديو يساعد صحفهم على الانتشار، وهكذا يتكرر المشهد (الصحف، والصورة، والراديو، والإنترنت) تخلق بيئة إعلامية تساعد على انتشار الجميع، ورفع الوعى، وتقدم المجتمعات إذا أُحسن اختيار المحتوى الذى تحتاجه كل وسيلة منها، وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى أن مدينة الإنتاج الإعلامى اهتمت بتجميع كل الأسطوانات التى سُجل عليها القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت، وقامت بالترميم الصوتى لإعادة تراثه، حيث لا يمنع عصر الصورة الذى نعيشه الآن عودة عصر الصوت والاستماع إلى الإذاعات، والإقبال عليها وكأنها استراحة للعين مما تضج به الصورة نفسها من مشاهد العنف، والقتل، والجوع السائدة فى عالم الناس، أما الكلمة المكتوبة فهى صوت القلم والعقل الباقى المستمر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى