تمرد «فاجنر»..!

الثلاثاء 9 من ذي الحجة 1444 هــ
العدد 49876
هل تصدق ماسك، صاحب تويتر، والسيارات الكهربائية، وهو عبقرى أمريكى يعرف عصره: لا تثق فى نفسك، أى لا تثق فى الآخرين، فهم سوف يتمردون، أم تفعل الصحيح فقط ولا تخشى شيئا؟!.. سؤال سوف تصعب الإجابة عنه طويلا، ولكنه طُرح.
هذا ما حدث بروسيا فى تداعيات حربها مع أوكرانيا التى تقترب من العامين ولم تتوقف، وليس هناك بشائر عن مستقبلها.. لحظة جنون من نتائج الحرب، أما تمرد قوات فاجنر فليس مثالا على نهايتها، بل تعبير عن مصير الحروب، واتهام بريجوجين- قائد، أو مالك الشركة شبه العسكرية التى ظهرت فى عام ٢٠١٤ عقب حرب جزيرة القرم، واستيلاء روسيا عليها- للعسكرية الروسية بالتقصير فى هزيمة أوكرانيا كان علنيا، ومطالبته بتغيير العسكريين واضحة جدا، ولذلك هذه اللحظات كانت حاسمة فى تاريخ روسيا العريض، فالمقاتلون الروس حققوا نصرا جزئيا فى أوكرانيا، خاصة مدينة باخموت الإستراتيجية، فى معركة طويلة، وقاسية، لكنهم عجزوا عن السيطرة عليها، واستطاع بريجوجين الانتصار فيها، ولهذا فإن تمرد بريجوجين كان لحظة قاسية على الكرملين، لكن ليست ساعات حرجة، كما سُميت، وإنما دقائق وثوانٍ لاتخاذ القرار السليم، وجاء الحل من الصديق المشترك، لوكاشينكو، فى بيلاروسيا، فهو يعرف المتمرد بريجوجين الذى لعب الخيال بطبيعته الشخصية، وأهدافه الكامنة فى الوصول إلى مركز القرار فى هرم السلطة الروسية، وهو يرى نفسه منتصرا، بل أكثر كفاءة من الجيش الروسى النظامى.. يا للعجب!، ولمَ لا؟، فقد سبق أن اتهم الجيش بالتقصير والفرار من المعركة فى بداية العام الحالى، ولم يحدث له شىء، لكن بوتين حينما بلغه التمرد حمى الجنود، ولم يقتلهم، أو يحاكمهم، وهو قرار حكيم.
أعتقد أن الدروس المستفادة ليست جديدة، فالبلاد المتقدمة، وروسيا منها، ثانى أكبر جيش فى العالم، لا يصح اتهام مقاتليها بالخيانة، كما أن روسيا تاسع اقتصاد فى العالم، وأكثر منتجى المواد الخام، وتمثل ثُمن مساحة سطح الكرة الأرضية، يجب عدم معاقبتها اقتصاديا، ولا يصح ترك المعركة عسكريا بلا نهاية، فهذه الحرب ليس لها حل إلا أن تتوقف، وتُحل سياسيا.
