هذا الرجل أثلج صدرى..!

السبت 20 من ربيع الثاني 1445 هــ
العدد 50006
كانت استقالة كريج مخيبر، مدير مكتب نيوريوك للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، حدثا مميزا، وفريدا فى سبيل تحقيق العدالة فى هذا العالم بعد ٣٥ عاما قضاها فى الحركة الدولية (منها ٢٥ عاما بالأمم المتحدة فى مناصب رفيعة بجنيف، ونيويورك) وكاشفة إلى حد كبير للازدواجية التى تعامل بها الغرب مع حالة حقوق الإنسان فى قطاع غزة.
ستظل صيغة استقالة كريج علامة بارزة على العدوان الإسرائيلى على غزة الذى وصفه بأنه حالة إبادة جماعية نموذجية، وكانت رسالته توثيقا لما يحدث فى غزة منذ شهر، ولما يحدث للأطفال، والنساء، وحرمان الملايين من المياه، والغذاء، والدواء، والعلاج، وتركهم نهبا للعدوان، والمرض، ففى رسالة بتاريخ ٢٨ أكتوبر إلى فولكر تورك، المفوض السامى للأمم المتحدة، وصف الخبير كريج الوضع فى غزة قائلا «إننا نعيش حالة إبادة جماعية نموذجية.. لقد دخل المشروع الاستعمارى الاستيطانى الأوروبى القومى العرقى فى فلسطين مرحلته النهائية نحو التدمير السريع لآخر بقايا الحياة الفلسطينية الأصلية»، وأضاف أن «الحكومات الغربية كاملة متورطة فى الهجوم المروع، وليس فقط ترفض هذه الحكومات الوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدة لضمان احترام اتفاقية جنيف فحسب، بل إنها فى الواقع تعمل بنشاط على تسليح الهجوم، وتوفير الدعم الاقتصادى، والاستخباراتى، والغطاء السياسى، والدبلوماسى للفظائع التى ترتكبها إسرائيل»، وأشار فى ذلك إلى المذبحة الجماعية الحالية للشعب الفلسطينى المتجذرة فى الأيديولوجية، والتطهير المنهجى، والمتأثرة كاملة بوضعهم كعرب، وتقترن بتصريحات صريحة عن نية القادة فى إسرائيل، وأوضح أن الجريمة ثابتة على القادة والجيش بما لا يدع مجالا للشك أو الجدل فى ذلك، وأن الإبادة الجماعية التى نشهدها فى فلسطين هى نتاج عقود من الإفلات الإسرائيلى من العقاب الذى وفرته الولايات المتحدة، والحكومات الغربية الأخرى، ويجب أن ينتهى الآن، فقط تحدثوا من أجل حقوق الإنسان، ففى غزة تتعرض منازل المدنيين، والمدارس، والكنائس، والمساجد، والمؤسسات الطبية لهجمات عشوائية، كما يتم ذبح الآلاف من المدنيين.
بصراحة.. هذا الرجل صادق، وأمين فى مهنته، وأثلج صدرى، فتحية إكبار وتقدير له، ولمن هم مثله فى صدقه، ورؤيته الثاقب.
