الإمام الطيب.. والأزهر جامعا وجامعة «2»
الثلاثاء 11 من رمضان 1446 هــ
العدد 50499
لقد واصل الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مسيرة الأزهر عندما احتضن «وثيقة الأخوة الإنسانية»، التى تعد الوثيقة الأهم فى تاريخ العلاقة بين المؤسسات الدينية العريقة الكبرى (الأزهر والفاتيكان)، وهى ليست وثيقة لعالمنا الإسلامى فقط، ولكن من وثائق، وتاريخ العرب الحديث، وقد وضعت الأزهر وشيخه فى المكانة العالمية التى يستحقانها بجدارة، وهو ما انعكس فى رئاسته «مجلس حكماء المسلمين» منذ عام 2014 وحتى الآن بهدف توحيد الأمة الإسلامية لتعزيز قيم الاستقرار، والمواطنة للبلدان، فى ظل مرحلة تموج فيها الصراعات التى تهدد الأوطان والدول، فكانت رسالته لعودة الدولة، واستقرارها أمام الحركات الإرهابية المتطرفة التى تسعى لهدم الدولة لمصلحة كيانات وهمية لا تخدم حقوق الإنسان، ولا تحمى الإنسان المسلم فى وطنه.
أما حوارات الإمام الطيب بين الشرق والغرب فهى نموذج حضارى يعكس الوجود العالمى لمؤسسة الأزهر، ولعلنا نشيد بدورها فى مواجهة التطرف، وتفنيد الإسلاموفوبيا، أو التخويف من الإسلام، عبر ما وصفته (المشتركات الإنسانية التى تجمعنا بالعالم)، ولعل معرفة الشيخ الطيب بالعالم الخارجى، ودراساته، وإتقانه اللغتين الفرنسية والإنجليزية، جعلاه يعرف ما يحدث فى العالم، ويترجمه لمنطقتنا، وأهلنا، لنكون جزءا منه لا ينسلخ، ولا نقع فريسة لما خططه المتطرفون للعالمين العربى، والإسلامى من انعزال عن عالمهما.
لقد استطاع الشيخ الطيب أن يحقق معادلة مهمة للأزهر الشريف هى «عالمية الأزهر» عبر تبنيه «حوار الأديان»، وانطلاق الحوار الفكرى، والدينى، والحضارى لمصلحة القيم التى تغرسها الأديان للمواطن، وتلك هى غاية الإيمان أن يكون الإنسان صالحا لحياته الدنيوية، ومحافظا على قيمه، ليلقى الله بما صنعه لعالمه، وما وفره الدين له من قيم، وعلم ليكون مفيدا فى تعمير الأرض، كما لمس الإمام الطيب الكثير من حقائق الوجود الإنسانى، ووضع الأزهر فى عصره فى مرحلة متقدمة كان فيها جديرا بتغيير ليس الخطاب الدينى فقط، ولكن معنى الإيمان، ومعنى المسلم فى وجوده، وتلك مرحلة متطورة فى حياة هذه المؤسسة العريقة التى مضى عليها أكثر من 1000 عام، وسيكون لها فى قادم الأعوام مسيرة أكثر عمقا تعبر عن جوهر الإسلام، ومعنى المسلم.
