مقالات الأهرام العربى

صناعة السلام..

رأيت مصر سبتمبر 2018 فى الأمم المتحدة، رأيتها والعالم يقبل عليها، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية يسارع، ويتطلع إلى لقاء الرئيس، فأدركت، بما لا يقبل الشك، أن صناعة السلام التى أتقنتها مصر بعد حرب 1973، وتمكنت خلالها من محاصرة إسرائيل، أصبحت صناعة مصرية مميزة وقوية ومؤثرة فى عالمها، وقد أسفرت فى القرن الماضى عن تحرير كامل الأراضى المحتلة عقب هزيمة 1967.

إن من يستطيع أن يحارب من أجل هدف نبيل يستطيع أن يكمل المسار، دبلوماسيا وسياسياً، وصولاً إلى تحقيق الهدف المأمول، وكنت خلال سنوات أستمع إلى الأصوات الخائفة من السلام، وهى تهتف هتافاتها المتكررة، والخالية من أى فكر أو إبداع، فهى تنم عن إحساس بالهزيمة، فقبل أن يبدأ التحرك نحو السلام قالوا: الحقوا إنهم يجرون وراء صفقة القرن، كأنهم يريدون أن يبحثوا عن مبرر لتجميد القضية الفلسطينية فى ثلاجة الزمن أو الهزائم المتكررة، أو الصراعات القائمة على سلطة هنا أو هناك فى غزة أو الضفة.

فى حين أن القضية الفلسطينية دخل على حزامها كل من هب ودب فى المنطقة من أهل حماس وقطر، ومن خلفهما تركيا، والآن إيران وحرسها الثوري، بالإضافة إلى متغيرات مختلفة، وتأثيرات متناحرة، منها قطعا الصهيونية العالمية والمتطرفون من كل فج عميق من المسلمين والمسيحيين واليهود، الذين يريدون أن يجعلوا الصراع فى فلسطين دينيا أو أسطوريا، حتى لا يتوقف عبر العصور، وهؤلاء هم من يؤمنون بكل التخاريف والأساطير التى وردت فى كتب قديمة أو سير متعددة، فى حين أن مصر عندما تتحرك إلى السلام، فإن عينها على المنطقة كلها، فالمنطقة باتت محور حروب متعددة أو انهيارات كبرى، وصلت إلى أن تصبح نتائجها شبيهة بنهايات الحربين العالميتين الأولى والثانية.

فضحايا السوريين واليمنيين والعراقيين والليبيين فاقوا الضحايا الفلسطينيين، وتفكك الدول اقترب من حزام الإقليم كله، وبالتالى فالسياسة المصرية نحو السلام تتجاوز قضية فلسطين، مع الاعتراف بأنها قلب الصراع بين الشرق والغرب، ومصر تريد للمنطقة أن تخرج من أزماتها، وتريد حماية كل دول الإقليم، ولا تريد التفكك والصراعات والحروب أن تصل إلى مداها ولا تتوقف، ولذلك كان إكبارى للرئيس المصرى الذى واظب على حضور الجمعية العامة ليسمع العالم خطاب مصر، وخطاب المنطقة الباحث عن السلام للعالم ولدول المنطقة.
هذه رؤية سامية تستحق التقدير العالمى بل تستحق جائزة نوبل للسلام، لأنها تبحث عن حلول جذرية لأزمات العالم التى تفاقمت خلالها الحروب والإرهاب والتطرف الذى ضرب كل دول العالم بلا توقف..

إنها مصر التى استطاعت صناعة سلام قوى مع جيرانها جميعاً، وهى مصر التى استطاعت صنع سلام فى المنطقة وهى التى لا تحارب، ولا تتدخل فى الشئون الداخلية لأى من الدول العربية، حتى الذين يتدخلون فى شئوننا ترفعنا عن التدخل فى شئونهم..

تدخلت قطر.. وتدخلت إيران.. وتدخلت تركيا.. بل تدخل القذافى.. وتدخل صدام.. وتدخل الأسد.. وحاولوا إجبار مصر على التوقف عن مسار السلام، وصناعة قرارها بإرادة شعبها، لكنهم فشلوا جميعا، وها هى الصورة تتكرر، وأرى أن مصر قادرة على صناعة السلام، لأن الذين يصنعون السلام هم القادرون على الحياة، وهم القادرون على الدفاع عن أراضيهم بالحرب.

تحية لمصر ورئيسها عبد الفتاح السيسى فى دورة الأمم المتحدة الراهنة، وفى رئاسة القمة الإفريقية 2019 والمستحقة لرئاسة دول عدم الانحياز ال(77).
مصر تعيد قدرتها.. مصر تعيد دورها.. مصر تعيد تأثيرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى