مقالات الأهرام اليومى

تحية إلي ساركوزي‏..‏

زيارة نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي لمصر مع الأيام الأخيرة من عام‏2007‏ ذات معان موحية ودلالات سياسية كبيرة‏,‏ فهو الرئيس الأنشط والأقوي الآن ليس في أوروبا وحدها بل في الغرب كله‏..‏ لأسباب عديده‏.‏ أهمها الضعف الأمريكي والغياب البريطاني‏,‏ كما أنه السياسي الأكثر تأثيرا وتعبيرا عن عالمه‏.‏ وقد أكسبته مكانة مصر وتاريخها وهجا ولمعانا خاصا يختلف عن كل رحلاته الخارجية السابقة‏.‏

فعلي الصعيد السياسي كانت قضايا الساعة حاضرة‏,‏ فمصر بثقلها وبمكانة رئيسها العالمية ورؤيته الثاقبة والمتكاملة للقضايا العربية‏,‏ ومنطقة الشرق الأوسط الملتهبة بصراعات وحروب عديدة‏,‏ هي المكان المناسب لمناقشة هذه القضايا باعتبارها الدولة المحورية الأكثر تأثيرا في محيطها‏,‏ كما أن الرئيس مبارك يتمتع بتاريخ طويل من الحكمة التي جعلته صاحب الرؤية الأدق والأصوب لكيفية تحقيق الاستقرار والسلام لمنطقتنا‏,‏ وهو ما انعكس علي المباحثات السياسية بين الرئيسين مبارك وساركوزي في هذه اللحظة الراهنة الدقيقة والفاصلة‏,‏ والبحث عن التحرك القادم فيما يتعلق بأزمات المنطقة‏,‏ وكانت الفرصة مواتية ليطلق كل من الرئيسين وبطريقته مبادرة لحل الأزمة اللبنانية المختنقة‏.‏ فلقد طالب الرئيس مبارك سوريا بالتدخل للضغط علي الأطراف اللبنانية‏,‏ وخاصة حلفاءها لاختيار الرئيس الجديد‏.‏ وفتح الرئيس الفرنسي بابا للحوار لإعادة تأهيل سوريا عالميا‏..‏وقد طالبها بالأفعال وليس الأقوال‏..‏ وأوقف مبادرته معها حتي يحدث تغيير فعلي علي الأرض يؤدي إلي إنجاز الاستحقاق الرئاسي‏..‏ في هذا البلد العربي الجميل‏.‏ فمن غير المعقول لدولة عربية أن تبقي بلا رئيس مع حكومة مشلولة‏.‏ وكان الرئيس دقيقا بمطالبته سوريا بالتدخل لإنهاء هذا الوضع لأن لها تأثيرا علي كل الأطراف المتصارعة‏.‏

ولم تغب قضية قيام الدولة الفلسطينية عن مائدة البحث بين الرئيسين خاصة أنها أول قمة كبيرة تعقد بعد مؤتمري‏:‏ أنابوليس الذي أطلق المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والمانحين في باريس الذي وفر‏7.5‏ مليار دولار لتخفيف معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال‏.‏

ونحن نبعث بتحية إلي ساركوزي علي كل ما قاله في المباحثات السياسية مع الرئيس مبارك ومع المثقفين والكتاب والمجتمع المدني في لقائه النادر معهم بدار السفارة الفرنسية بالقاهرة‏,‏ وتأكيده أنه سيعمل علي قيام دولة فلسطينية علي كل الأراضي بما فيها القدس الشرقية‏,‏ وإنهاء الصراع التاريخي بين العرب وإسرائيل‏,‏ عازما علي أن يقول هذا الكلام ليس هنا في مصر فقط‏,‏ ولكن أيضا سيقوله للإسرائيليين في الكنيست عندما يذهب إليهم في الربيع المقبل‏.‏ كما طالب الإسرائيليين بأن يبرهنوا علي رغبتهم في السلام بوقف الاستيطان‏,‏ وأكد رؤيته لتدعيم العلاقات وحوار الحضارات بين الشرق والغرب وليس تأجيج الصراعات والحروب‏,‏ وقال إنه عازم علي دفع مشاركة فرنسا لتكون جسرا للحوار والمحبة بين الأديان‏,‏ ولأن بلاده عميقة الجذور بالحضارة الغربية المسيحية‏,‏ وهي في الوقت نفسه بلد لحوالي‏7‏ ملايين مسلم‏.‏

كما أننا نحييه لرؤيته الصحيحة أن مصر هي الأغني تاريخيا وثقافيا بشكل فريد علي مستوي العالم ولذلك فهو يسعي إلي المشاركة معها ثقة فيها‏,‏ وفي مكانتها‏,‏ واحتراما واعترافا بحكمة وقدرة رئيسها حسني مبارك‏,‏ ولذلك خصها بزيارة شخصية مع أسرته الصغيرة التي ضمت والدته وخطيبته وابنه‏,‏ وأصدقاءه‏,‏ لقضاء عطلة نهاية العام في شرم الشيخ والأقصر‏.‏

كما أشكره بشكل شخصي علي أنه خصني وخص الأهرام بثاني حوار صحفي منذ توليه المسئولية في منتصف العام الذي نودعه اليوم‏,‏ حيث كان الحوار الأول قبل زيارة الرئيس حسني مبارك لباريس في أول أغسطس الماضي‏,‏ والثاني قبل زيارته الأخيرة لمصر في‏29‏ ديسمبر‏2007.‏
osaraya@ahram.org.eg

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى