الرحيل المفجع..!

الأربعاء 19 من صفر 1447 هــ
العدد 50654
عاجلنى خبر الرحيل المفجع للزميل العزيز مجدى صبحى، الخبير الاقتصادى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الذى كانت، وتظل، تحليلاته الاقتصادية بالأهرام تسلط الضوء على التطورات المهمة التى تحدث فى اقتصادنا فى مصر خصوصا، والمنطقة العربية عموما، فى سنوات السبعينيات، وما بعدها، ودوما، فتحية لروحه، وتقديرا لدوره المهنى المتفانى، وإخلاصه، باعتباره من المتخصصين الكبار، مما جعل كلمته مؤثرة، ورحيله مفجعا . كما لاحقنى رحيل آخر بقسوة، وهو رحيل نحو 6 صحفيين من أهل غزة (الشهيد أنس الشريف ورفاقه) قُتلوا وسط الخيام، ولا يبخلون علينا بعطائهم خلال عملهم قرب مجمع الشفاء الطبى بغزة، التى تلاحقها المجاعة، والضربات، والإبادة الإسرائيلية، والعالم مشغول بما يفعله الاحتلال هل هو احتلال أم سيطرة؟.. وذهنى يردد: ما هو الفرق بينهما، فأولا وأخيرا هى عملية إبادة، وقتل، وتوحش لم يشهدها التاريخ من قبل. أعتقد أن كل صحفيى غزة يستحقون أن تُكتب أسماؤهم بأحرف من نور، فهناك نحو 238 صحفيا قُتلوا منذ بدء الحرب من 22 شهرا حتى الآن، وهؤلاء الراحلون هم شهداء الكلمة والصورة.. هم من أيقظوا ضمير العالم وصمدوا وسط جبروت النيران، ليس ليخلدوا أسماءهم ولكن لكى يخلدوا وطنهم، وأهلهم (أهل غزة) ضحايا التوحش، والجبروت، وآلة القتل التى يديرها نيتانياهو ضد من سوف يذكرهم التاريخ والإنسانية، كما أعتقد أن استهداف إسرائيل للصحفيين ليس عشوائيا، بل هو اغتيال متعمد للكلمة والصورة، وللشهود الذين ينقلون تفاصيل المجاعة، والحروب، والجرائم المرتكبة بحق المدنيين، ولكن بعد أن قتلوا 10% من صحفيى فلسطين هل غابت الكلمة والصورة؟.. هل طُمست الحقيقة؟.. كلا، فالصورة أضحت، أقوى، وأوضح، وكل يوم تعترف دولة جديدة من دول الغرب بفلسطين، وكل اعتراف، وكل جريمة قتل، وجريمة حرب تؤكد أننا أمام قضية لا تموت، حيث لا يمكن أن يَهزم أحد الكلمة الصادقة، كما نتذكر كذلك اللاعب الفلسطينى الشهيد سليمان العبيد، أو (بيليه فلسطين) الذى اُستشهد فى الغارات الإسرائيلية على غزة، والذى تساءل نجمنا محمد صلاح فى تغريدة له عن سبب رحيله. وأخيرا، النجوم والصحفيون يموتون فى غزة، ورحيلهم ورحيل الفلسطينيين مؤلم، ولكننا يجب جميعا أن نتحرك حتى نسجل، ونوثق جرائم إسرائيل على جبين العالم، وحتما سيأتى يوم يدفع فيه المجرمون ثمن جرائمهم.
