أمريكا تعزل نفسها وإسرائيل عن العالم..!

الأثنين 9 من ربيع الأول 1447 هــ
العدد 50673
هل يُعقل أن تتخذ الخارجية الأمريكية قرارا بمعاقبة الوفد الفلسطينى (السلطة المعتدلة التى مارست أقصى درجات ضبط النفس خلال الحرب والإبادة الإسرائيلية، وتمسكت بالسلام والتفاوض) وتمنعه من حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتتهمه بأنه يشن حربا قانونية ضد إسرائيل بسعيه للمحاكمة الدولية، حيث تجعل واشنطن السعى للقانون الدولى حربا، فى حين أنها عاجزة عن وقف الإبادة على غزة والضفة، وتجويع الفلسطينيين فى غزة، وقتل الأطفال؟!. أعتقد أن الإدارة الأمريكية ترتكب جريمة كاملة، لأنها تقف مع القاتل المجرم المتلبس (أمام العالم كله) بجريمته، وتمنع الفلسطينيين حتى من أن يقولوا لا، واللجوء إلى المنظمات الدولية لوقف القتل العمد والإبادة، ولذلك فإن ما حدث من وزارة الخارجية الأمريكية سابقة خطيرة، بل خرق واضح، لميثاق الأمم المتحدة، لأن أمريكا وإسرائيل بهذا القرار الغريب أصبحتا واحدا، ويفتحان الباب أمام العالم العربى للإرهاب الواسع، لكن عزاءنا أن هذا القرار لن يعزل الفلسطينيين عن قضيتهم، بل سيعزل أمريكا، ويجعلنا نفكر: ماذا ستفعل فى المستقبل؟، فقد تخلت الدولة العظمى عن كل مسئولياتها أمام العالم، بل وضعت قرار العالم فى يد حكومة إرهابية موجودة فى تل ابيب، ومع ذلك فإن منع الوفد الفلسطينى من حضور الجمعية العامة لن يمنع العالم من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فقد سبق أن مُنع ياسر عرفات، رحمه الله، من الذهاب إلى واشنطن فخاطب الأمم المتحدة من جنيف. وأخيرا، فإن هذا القرار الأمريكى المتعسف سيؤدى إلى ازدياد فقدان الثقة العربية والفلسطينية فى دور واشنطن كوسيط، وتصعيد الخطاب الفلسطينى باتجاه تدويل الصراع خارج الإطار الأمريكى، ولعلنا نطالب العالم كله بالتدخل فى هذا الصراع، خاصة الصين وروسيا، ولعب دور أكبر فى تمثيل وجهة النظر العربية والفلسطينية، لأن القرار الأمريكى لا يحمل فى طياته أى مسألة أمنية أو إجرائية، بل هو خطوة ذات أبعاد سياسية خطيرة تسعى لتشكيل مرحلة ما بعد الحرب على غزة بإقصاء كامل للقيادة الفلسطينية الشرعية، لكن هذا القرار سيكون له تأثير سحرى فى عزل واشنطن وتل أبيب عما يجرى فى العالم بعد جريمة الاحتلال الإسرائيلى فى غزة.
