زلزال شتاء 2023.. يفجر الإنسانية فينا..!

الأربعاء 17 من رجب 1444 هــ
العدد 49737
لحظة من لحظات يوم القيامة، ونهاية العالم، تلك الهزة الأرضية المريعة التى وصلت إلى كل إنسان، وإنسانة، فيجب ألا تتجمد عقولنا، وتمنعنا عن الحركة، والمساعدة، والتعاطف، ونحن نعيش حالة من الغضب القاسى للطبيعة، ونرى الأرض تميد من تحت أقدام أهالينا فى سوريا، وهم يواجهون الهزة التى تزامنت مع ما يواجهونه من حالتىّ الحرب، والزمهرير، وكأنما ذعر الحرب، والتهجير القسرى الذى يصاحبها، والبرد الشديد لا يكفى، ونتيجة كل ذلك العيش فى مجتمعات تتنافى فيها كل سبل الحياة، حيث الأطفال منذ أكثر من عقد بلا حياة طبيعية، وبلا مدارس، وبلا مستقبل، وأخيرا يفاجئهم الزلزال الذى يحصد الأرواح، ويشرد ما تبقى منهم، ويجعل الحياة مستحيلة على الجميع.
إن الطبيعة تصدمنا، وتخلق حالة ذعر جماعى، لأن جزءا من القشرة الأرضية الخارجة من قارة إفريقيا تحرك، ليصطدم بجزء من قارة أوروبا.. لوحان متصادمين: لوح شمال إفريقيا، ولوح منطقة أوراسيا، ليُحدِث زلزال شتاء ٢٠٢٣ ، وتسقط المنازل، والقلاع، وتهتز المناطق السياحية فى مدن غازى عنتاب، وأضنة، وملاطيا، وديار بكر، وشانلى أورفا، وعثمانية فى تركيا، إلى مدن حلب التاريخية، وإدلب، واللاذقية فى سوريا، حيث زلزال مدينة كهرمان مرعش المدمر فى الجنوب التركى الذى وصلت توابعه إلى عدة دول، ومازالت هزاته تترا، ويسجل الآلاف من الضحايا، والخسائر.
أعتقد أنه إذا لم يكن فى وسع البشرية جمعاء منع الكوارث، فإن بوسعها أن تحد من آثارها، خاصة أن التغيرات المناخية نالت من الجميع، والكوارث الطبيعية ليست بعيدة أيضا عن الجميع، وقد شهد التاريخ البشرى عددا كبيرا من الكوارث العنيفة التى تذكرنا دوما بمدى القوة الخارقة التى تتحلى بها الطبيعة ، بل إننى أتذكر أن علماء الطبيعة حذروا من أنه خلال ملايين السنين سيتم غلق البحر المتوسط عندما يتلاقى اللوحان الإفريقى والأوروبى، فهل نأخذ العبرة، أو الحكمة، مما يحدث حولنا، ونسعى إلى دفع المجتمعات، والشعوب لوقف الحروب، والتعاون معا لنحافظ على الجنس البشرى، والأرض التى نعيش عليها، ونُعلى من قدر الإنسانية فينا، ونعيش ، وننجو جميعا؟!
