2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

المنطاد الصينى..!

الثلاثاء 23 من رجب 1444 هــ
العدد 49743
المنطاد الصينى، الذى سقط فى المياه الضحلة على شواطئ ولاية نورث كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية، كشف لواشنطن عناصر ضخمة عن مستقبل الصراع بينها وبين بكين.

أعتقد أن منطاد فبراير ٢٠٢٣ لم يكن أزمة صينية – أمريكية مكتومة، كالعادة، مثل أزمات كثيرة حدثت فى الماضى حرص الطرفان على تلافيها، بل عدم الإعلان عنها، بعد أزمة زيارة نانسى بيلوسى إلى تايوان، وما أعقبها من حدة بين الطرفين، حيث لم يدخر الأمريكيون جهدهم فى هذه الأزمة، وأعلنوا بوضوح أنه عمل غير مسئول، وانتهاك للسيادة الأمريكية، أما الصينيون فقد ردوا (للتخفيف) بأنه منطاد مدنى للطقس، لكن الأمريكيين صوروا المنطاد، بل راقبوه طوال رحلته على أراضيهم بطائرات تجسس قديمة فائقة الجودة والوضوح، بينما لايزال فى الهواء، وكشفوا بالصور عن أن معداته المرئية مخصصة بوضوح للمراقبة الاستخباراتية، وغير متسقة مع مناطيد الطقس، ولذلك أسقطوه بما يتيح تحليله، بل كشفوا تفاصيله من أنه آلة عسكرية، بل اعتبرته أمريكا «مقدمة» لحروب متطورة، وأعلنت هذا الأمر لحلفائها فى الشرق والغرب معا، وذلك لمكافحة التجسس العسكرى الصينى عالميا عليها.

إن الأزمة العلنية أعقبتها أزمة دبلوماسية بإلغاء رحلة أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، إلى الصين، كما رفض الصينيون الرد على مكالمة لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكى، لشرح مبررات إسقاط المنطاد.

لقد سارت محاور الأزمة هكذا حتى يتذكرها العالم فيما بعد، لأن لها تداعيات كثيرة، ولن تمر بسهولة، لأن أمريكا لن تتقبل انتهاك خصوصيتها بسهولة من أى قوة فى العالم.

أعتقد أن تكنولوجيا المنطاد الصينى جاءت بعد المسيرات (طائرات دون طيار)، وذلك فى إشارة على ما يبدو، إلى أن الحرب التقليدية التى نعرفها توشك أن تتغير، فعلماء البيانات يعيدون النظر فى تأهيل جنود، وضباط المستقبل الذين سيحاربون بعقولهم، وتقنياتهم المتقدمة للغاية أكثر من أسلحتهم، ومن الطائرات دون طيار إلى الذخيرة الصامتة، وصواريخ هنتر، إلى المركبات الأرضية، والمنصات الروبوتية، والأقزام الآلية.. وهى كلها أمور مذهلة لكل الأطراف، وتقنيات، وحلول ظهرت لتبقى بعد انتهاء الحرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى