محمود سالم..!

الخميس 24 من شعبان 1444 هــ
العدد 49773
الصحفيون الشطار يتمتعون بتاريخ مهنى ناصع يجب ألا ينفد، وأن نحتفى بهم، وأن نودعهم بما يليق بهم، وبتاريخهم، وعندما تفقد الصحافة أحد لآلئ المهنة، وتشعر الجماعة الصحفية بالفقد، خاصة الذين استمر عطاؤهم عقودا متتابعة فى هذا الزمن الصعب، والدقيق، الذى يبدو كل شىء فيه متشابها، حيث تعانى الدول كافة اقتصاديا بسبب الأزمات المتلاحقة (الخريف العربى، وكورونا ، والحرب الروسية الأوكرانية التى لا نعلم متى ستنتهى).
لقد ودعنا بالأمس زميلنا المحرر الدقيق، والحساس (محمود سالم)، الذى كان هو وزميله محمود صلاح يتنافسان على تميز أخبار اليوم، الأول فى الاقتصاد، والثانى فى الحوادث.. رمزان مهمان لصحيفة أخبار اليوم ذائعة الصيت، حيث رحل صلاح أولا، ثم سالم، اللذان تميزا عبر عقود متعاقبة مع رؤسائهما.. من إحسان عبدالقدوس، وسعيد سنبل، ثم إبراهيم سعدة.
هذه اللآلئ المهنية صعب أن نجدها، أو تتكرر.. كانت تأخذنا أخبار اليوم لكى تحلق بعيدا فى السماء.. زميلنا الراحل محمود سالم كان حظه أنه محرر اقتصادى ثقيل من الطراز الرفيع الذى يخطف الانفرادات الصحفية، ويحظى بثقة المؤسسة الاقتصادية الحكومية.. تزاملت معه كثيرا، فهو زميلى وأخى فى كلية الإعلام (تخرج فى عام ١٩٧٦ ، وأنا فى الدفعة الأولى ١٩٧٥).
كنا لا نتصور أن محمود سالم يمكنه أن يسبقنا فى الأخبار، فنحن نعمل فى اليومى وهو فى الأسبوعى، ولكن الراحل الكريم تمتع بثقة كبار الاقتصاديين فى مصر الذين كانوا يثقون فى محمود سالم إلى حد كبير، بحيث يخصصون له الأخبار المهمة، والطازجة لتحصل أخبار اليوم على السبق، وتنفرد عن الصحف اليومية، وفى اليوم التالى نذهب إليهم نشكو: لماذا خصصتم التميز لأخبار اليوم؟.. وتكون الإجابة: محمود سالم رقيق، وحساس، ومحب لمهنته، ويجب أن نميزه، كما أننا نحب أخبار اليوم.
هكذا عاش محمود سالم الصحفى الاقتصادى المدلل للمؤسسات الحكومية، ونحن جميعا نحبه، ونفرح له.. رحم الله محمود سالم وأسكنه فسيح جناته.
