درس طابا سيتكرر..!

الأربعاء 30 من شعبان 1444 هــ
العدد 49779
عادت طابا فى ١٩مارس ١٩٨٩ (٣٤ عاما)، ومرت ذكراها ونحن يملؤنا الاعتزاز بالأرض، وتحصين حدود مصر.
لقد ارتفع علم مصر عليها، ولن ينتكس مرة ثانية، وكلمة الرئيس الراحل (مبارك) محفورة فى ذاكرة المصريين ممن شهدوا هذا اليوم وأهاليهم.. لم تكن معركة تحكيم عادية، بل معركة تحصين حدود مصر الخالدة من كل نواحيها، حربا، وسلاما، واتفاقا، وصولا للتحكيم، والعالم شاهد عليها، واسرائيل موقعة عليها.. علامة الحدود الأخيرة الشهيرة ٩١ هى علامة على الشريط الحدودى فى طابا التى ادعت إسرائيل أنها تتبعها، وعندما فشلت كل محاولاتها عرضت شراءها، وأصبحت منطقة متنازعا عليها.
إن دراسة طبيعة المعركة بعناية جاءت بعد تشكيل لجنة فوقية لطابا، رأسها فى ذلك الوقت
د.عصمت عبدالمجيد، وضمت ٢٤ خبيرا، منهم ٩ قانونيين، وعلماء جغرافيا، وتاريخ، ودبلوماسيون، كان أبرزهم الخبراء (نبيل العربى، ومفيد شهاب، وفايزة أبو النجا، وأحمد ماهر، ويونان لبيب رزق)، والذين قاتلوا بشجاعة، وأثبتوا للمصريين، والعالم أن العقل، والحكمة، والقانون، والدبلوماسية- أسلحة عسكرية يمكن اللجوء إليها لحفظ الحقوق، وتمكين المجتمع المصرى من أرضه، وتعاون أبناء سيناء الأبطال مع حكمائنا، ومقاتلينا الدبلوماسيين، والسياسيين، كما تعاونوا مع قواتنا المسلحة لاقتلاع الإرهاب، والتطرف من سيناء، لكن إسرائيل لم تكن تريد التحكيم الدولى، وسعت ليكون حسم الخلاف حول طابا من خلال التفاوض الهادف للتوفيق، ولأن أطماع إسرائيل دفينة، وتتركها للأيام، فهى طمحت أن تصل إلى شرم الشيخ ذاتها، و كانت عينها على شرم الشيخ، وتوقعاتها بفشل المفاوضات كانت البوابة الأساسية للاستيلاء عليها، وكانت ضربة مصر الصاعقة هى المحكمة، وانتقلت كل منشآتها، وتم تغيير سونستا (هيلتون طابا)، واكتمل الانسحاب، وانتصر المصريون إلى الأبد.
أعتقد أن تجربة طابا هى نفسها ما تقوم به مصر الآن لمحاصرة إثيوبيا للوصول إلى اتفاق قانونى ملزم يضمن حقوق مصر المائية للأجيال القادمة، مثلما حمت حدودها، وأرضها أمام العالم، وباعتراف الأعداء، ومنعت أى منشآت جديدة على نهر النيل، ولهذا أوقن بأن درس، وانتصار طابا سيتكرر فى القرن الحادى والعشرين، لأن حدود مصر مصانة، ومياهها محفوظة مثل الأرض تماما.
