أمريكا وإسرائيل..!

السبت 10 من رمضان 1444 هــ
العدد 49789
الملاسنة الأخيرة بين الرئيس الأمريكى جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو عقب مظاهرات تل أبيب الصاخبة، ليست مجرد تصريحات متبادلة، أو خلاف غامض، كما كان يحدث دوما بينهما، ولكنها تعكس رؤية كامنة حقيقية لدى رئيس الوزراء الإسرائيلى تجاه الرئيس الأمريكى، كما أن ما صرح به بايدن هو رأيه الكامن تجاه تصحيحات نيتانياهو القضائية، والتى يراها تغبيرا جذريا فى المجتمع الإسرائيلى يعطى اليمين الإسرائيلى أو المستوطنين هناك اليد العليا فى أمور كثيرة مستقبلية، ويتحكمون فى كل شىء إلى حد بعيد جدا، وبعيدا عن أى رقابة للقضاء فى دولة ليس بها دستور يحكم العلاقات بين الناس، لكن الإسرائيليين، خاصة العلمانيين منهم، كانت ضامنتهم موجودة دوما لدى القضاء، والتعديل، أو التغيير يلغى هذه الضمانة، بل يسحبها من تحت أيديهم، ويضعها فى يد اليمين الدينى المتشدد، والمتمثل الآن فى إيتمار بن غفير والمستوطنين الذين لديهم أكثر من ٣٠ نائبا فى الكنيست.
إن ما حدث داخل إسرائيل يعتبر ضربة سياسية مفاجئة، وكبيرة سارعت المجموعة الحاكمة الآن، والتى تتحكم فى نيتانياهو، إلى إقرارها، وقد أدى اشتعال الأوضاع العالمية، والحرب الأوكرانية، والصراعات مع إيران إلى تغيير فى ميزان الحكم الإسرائيلى، وهذا هو السرطان الحقيقى الذى سوف يسرى فى المجتمع الإسرائيلى، وتأثيراته السياسية، والاجتماعية الضخمة.
ومن هنا، فإن بايدن، عبَّر، بصراحة غير معهودة، عن ذلك، ولعل ذلك يرجع إلى أنه مدعوم إلى حد كبير من اليسار داخل حزبه الديمقراطى، كما أن اللوبيات اليهودية فى أمريكا ليست مع هذه التغييرات، بل تقف ضدها، ولذلك كان هذا الخلاف العلنى، الذى ظهرت تقارير، وتصريحات تكشف للجميع مدى توتره، واشتعاله، ومن هنا ظهر بايدن، وإدارته أنهم يواجهون الطفل المدلل، وهذا ما سوف يحدث كثيرا فى الفترة المقبلة.
لقد كشفت الأحداث مدى التناقض الحاد داخل المجتمع الإسرائيلى، وما هو تحت الرماد، وهذا يكشف الغضب الحقيقى فى واشنطن، ولدى قطاعات ضخمة فى المجتمع اليهودى الأمريكى، والأوروبى، ولذلك فهى ليست أزمة عابرة، أو سطحية، أو شكلية، ولكن من الأزمات الحادة.
