عمار الشريعى.. وحشتنا!

الأثنين 11 من شوال 1444 هــ
العدد 49819
الفن الجميل لا يسقط بالتقادم، لأنه يستمر، ويبقى حتى بعد رحيل صاحبه عن دنيانا، كذلك الفن الجميل يظل راسخا فى الوجدان، والأذهان، لذا يعيش دوما، وليس له تيمات شعبوية رخيصة تلعب على الحبكة وحدها.
أقول تلك المقدمة لأننى تذكرت الغواص فى بحر النغم، الفنان الكبير (عمار الشريعى)، الذى وُلد فى شهر أبريل عام ١٩٤٨، ورحل فى ديسمبر ٢٠١2 ، وترك بصماته كمؤلف، وملحن شهير للموسيقى.. هذا الأيقونة الفنية كان رمزا لأصحاب القدرات الخاصة (كفيف)، وهو تلميذ طه حسين، عميد الأدب العربى، وبالفعل تعلم فى مدرسته الابتدائية حتى الثانوية، ولم يقف فقدانه بصره عائقا أمام إبداعه الموسيقى، وقد قدم لنا موسيقى بارعة، ويكفى أن جميع المهتمين بعالم الموسيقى يقولون إن الدراما الغنائية ترملت برحيل عمار- رحمه الله.
أعتقد أن الشارع الغنائى المصرى لم ير تترا (مقدمة، أو نهاية) لأى مسلسل درامى يضاهى ما قدمه الشريعى، فقد وقف على تبة عالية طوال الثمانينيات، والتسعينيات من القرن الماضى، وإذا كنتم نسيتم، أو أن التليفزيونات تناست، فتذكروا مقدمة الأيام لطه حسين بصوت على الحجار، وكل مقدمات، وجماليات أسامة أنور عكاشة، المؤلف المبدع، كانت وراءها موسيقى الشريعى المميزة (الشهد والدموع، وأرابيسك، وزيزينيا).
كما تذكرت أننى فى بداية عملى بإصدار الأهرام العربى ذهبت إلى عمار الشريعى، واكتشفت أننى أمام كاتب كبير، مثلما كان إذاعيا فذا فى برنامج غواص فى بحر النغم، الذى علمنا فيه الموسيقى، فقد جمع بين (الفن، والإذاعة، والكتابة)، ولمَ لا؟، وهو المثقف الكبير، خريج آداب إنجليزى عام ١٩٧٠، وتعاون معى فى الأهرام العربى بكتابة صفحة موسيقية فى غاية الإبداع، فقلت له إنك كاتب محترم مبدع، كما أنك موسيقى خلّاق.
رحم الله عمار الشريعى الذى جعلنا نقف على بوابة الحلوانى وأغانيها البديعة، وكذلك ألبومات الأطفال، وروعتها (سوسة سوسة) بصوت عفاف راضى.. وشكرا مسرح سيد درويش بالإسكندرية، لقد ذكرتنا بثروتنا الفنية الباقية، وكذلك فرقة الموسيقى العربية بالقاهرة لاحتفالها بذكرى الشريعى، وميلاده، فقد احتفت بالسمين لنعيش بروحه بعيدا عن الغث وهو كثير.
