2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

مدن الأحياء.. والأموات!

السبت 28 من ذي القعدة 1444 هــ
العدد 49866
لأننا أمة التاريخ، ولا يسبقنا أحد فى هذا المضمار، فيجب ألا يخيفنا أحد بأننا نهدم التراث، ولا نحافظ عليه، ولو كنا تركنا عقولنا لمن يخيفوننا من أى تجديد، أو بناء، أو عمل مبتكر، ما بنينا السد العالى، لآثاره الجانبية التى تؤثر على حياة الفلاحين فى الدلتا، وأهمها الطمى الذى يُحتجز فى بحيرة السد.  

إن تحديث القاهرة، ومدن مصر، وقراها، شمل أخيرا مقابر الموتى.. منذ زمن لفت نظرى كاتب كبير فى مقال له أن مصر من البلاد التى تنافس مقابر الموتى بها الأحياء، وقد علمنا الزمن أن مقابرنا يجب أن نحافظ عليها، ونطورها، وإذا كان الإهمال والعشوائيات طالا المدن، والقرى المصرية منذ زمن، فإنهما قد طالا قبورنا كذلك، ولذلك أسعدنى قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى إنشاء «مقبرة الخالدين»، لعلها تكون قاطرة للاهتمام بالمقابر كلها فى مصر(الريف قبل المدن)، وإعلاء قيمتها، والاهتمام بتخطيطها، وعمارتها، بل تجميلها، والحفاظ عليها، كما أُشيد بالقرار الذى اُتخذ منذ فترة، وتم تنفيذه بكفاءة واقتدار، وهو تشييد أسوار حول المقابر، والذى كان بداية لتخطيط جديد، وحفاظا على المقابر من الزحف العمرانى، أو ساكنى القبور، وهو ما لا يليق بنا الآن.

لقد كنت أتطلع إلى وزارة البيئة أن تسارع بالاستفادة بالمساحات الكبيرة الموجودة بكل قرية ومدينة، والمخصصة للمقابر، بعد إنشاء الأسوار، بتجميلها، وإدخالها منطقة التشجير الواسع.. نحن نريد 100 مليون شجرة، وإذا قدمت وزارتا الزراعة، والبيئة  الأشجار الخشبية، التى لا تحتاج إلى ماء كثير، لنزرعها فى مقابرنا، ونسجل عليها أسماء أحبائنا الراحلين، فإن مقابرنا ستتحول إلى مدن جميلة بأشجار خشبية تساعدنا على تقليل التلوث.

أعتقد أن الاهتمام بالمقابر، ومزارات آل البيت، وتجديدها فى السيدة زينب، وسيدنا الحسين، ونفيسة العلوم، والسيدة عائشة، يجعل مناطقنا الشعبية متاحف إسلامية ترحب بالزائرين، وإذا انضمت إليها المقابر بتاريخها، فستكون قيمة مضافة عظيمة جدا لتاريخ مصر.

إن تطوير المقابر، وفى مقدمتها مقابر الخالدين، قفزة مهمة فى التفكير المصرى، علينا أن ندفعها للتنفيذ، لتتحول مقابرنا إلى مزار صحى جديد للقرى، والمدن معا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى