إفريقيا.. وحرب القارات!

الأثنين 6 من محرم 1445 هــ
العدد 49903
يترقب العالم قمة إفريقيا وروسيا التى تُعقد فى سان بطرسبرج بحضور ٥٤ دولة إفريقية فى وقت لاحق نهاية هذا الشهر، ليس لمعرفة حجم العلاقات بين روسيا وقارتنا، والذى هو الهدف الرئيسى لهذه القمة، ولكن لمعرفة دور إفريقيا فى إنقاذ العالم من اتساع رقعة الحرب الأوكرانية- الروسية، وتحديدا الدائرة فى أوروبا بين شرقها وغربها بدعم أمريكى كذلك، والتى تهدد بانغماس الجميع فيها، بحيث تصبح حربا عالمية تدور فى آسيا، وأوروبا، فى حين أن أنتونى بلينكن، وزير خارجية أمريكا الحالى، خليفة كيسنجر، استطاع احتواء الصين، مثلما فعل الثانى فى أثناء الحرب الباردة.لقد استدعت حرب القارات إفريقيا على عجل، فهى أصبحت القارة الوحيدة للوساطة بين القارات المتنازعة، ويجب أن تلعب دورا، ليس لتشجيع طرف على آخر، ولكن لوقف الحرب بكل تداعياتها المخيفة. أعتقد أن قمة إفريقيا تحقق هدفا غاليا لروسيا فى أنها تقول إن الغرب لم يستطع عزلها، وإنها تحظى بحضور مهم، خصوصا فى ظل أن الجزء الأعظم من البلدان الإفريقية لم ينخرط فى العقوبات، والقيود المفروضة على روسيا، بل على العكس سعى بعض البلدان إلى توظيف المواجهة لتحقيق فوائد، والبعض الآخر أظهر أهمية الحياد والعمل المشترك لوقف الحرب فى العالم الجديد، وهو منتهى الحكمة والرؤية المستنيرة . لعل الأفارقة يستطيعون إقناع الروس أن عالم الحروب انتهى، وأن الأمريكيين انسحبوا مهرولين من أفغانستان، والعراق، ويبحثون عن وسائل جديدة لسيطرتهم على العالم، أهمها الدبلوماسية، والعقوبات دون حروب، وأن أوروبا تسعى فى المضمار نفسه، رغم التاريخ الاستعمارى لكل الأطراف ما قبل وبعد الحرب العالمية الثانية، فالعالم الجديد لم تعد فيه أطراف ضعيفة يمكن إخضاعها بالقوة العسكرية، ولكن بالتفاهم، والمصالح المشتركة، تلك لغة العالم التى يجب أن يفهمها الجميع، ولتسمع روسيا من إفريقيا تطلعات شعوبها إلى عالم بلا حروب، أو هيمنة، سواء كانت أمريكية، أو روسية، أو صينية، أو أوروبية، ولكن تعاون، وتعاضد، وتحاور بين كل الأطراف، وهنا إفريقيا تتكلم بحكمة السنين، وخبرتها المعروفة بتأثيرات الاستعمار، والحروب، والفقر الطويل، والعميق.
