فرنسا.. وإفريقيا!

الأربعاء 21 من صفر 1445 هــ
العدد 49947
لا أبالغ عندما أقول إن صورة فرنسا فى إفريقيا هى صورتها لدى الفرنسيين فى الداخل، ولدى الأوروبيين عن فرنسا، ودورها فى الاتحاد الأوروبى، ولدى المتابعين؛ لتأثيرها على مسار الحرب الدائرة فى أوروبا منذ أكثر من عام ونصف العام بين روسيا وأوكرانيا.
أعتقد أن الأزمات فى إفريقيا تحتاج إلى نظرة أكثر عمقا من فكرة سذاجة البحث عن الديمقراطية، والحريات فى ظل غياب المؤسسات التى تحميها، وتحرسها من تغول أى جهة عليها، كما أن التفرقة بين المكونين المدنى والعسكرى فكرة ساذجة أخرى أدت إلى وقوع السودان فى مستنقع الحرب، فالمكونان جزء من الدولة، ولا غنى عنهما، لأنه لا يمكن قيام ديمقراطية لا يحرسها جيش حديث، وقوى، ومؤمن بمستقبل بلده، وجزء منه، ويحمى المؤسسات من غياب الدولة أو القانون.
لقد أخافتنى الحرب أولا، ثم الأزمات، والصراعات فى إفريقيا على مستقبل هذه القارة الواعدة المليئة بكل الثروات، والأهم الإنسان الإفريقى المتطلع إلى التعاون، وأن يكون جزءا من العصر الذى يعيشه، ولكن بعد أن حدثت الأزمات، واختلطت الأمور فيجب المسارعة إلى معالجتها بحسن السياسة، ودقة التصرف، كما يجب على الفرنسيين، الذين يُعقِّدون الأمور على بعض الدول الإفريقية بتدخلهم فى شئونها الداخلية، أن يتركوا مؤسسات هذه الدول، وأبناءها يديرونها بأنفسهم، كما يجب على التجمعات والاتحادات الإفريقية مساعدة هذه الدول فى الإسراع بالوصول إلى حل يضمن ترسيخ الاستقرار والديمقراطية فيها.
فى تقديرى أن الأفارقة هم أدرى بأمورهم، وكل بلد أدرى بظروفه، وما من تطور علمى إلا غيِّر كل فلسفة الإنسان، وما من مجتمع بشرى قادر على التطور إلا باستقرار هذه الفلسفات العلمية، والتجريبية فى عقله، وجُل هذه التطورات العلمية فى الغالب وراءها إما عربى أو إفريقى، فيجب أن يترك للأفارقة حرية التفكير، فهم يملكون نخبا، وجماعات، ويملكون حضارات عميقة ستمكنهم من اجتياز العقبات التى يواجهونها الآن، وبهذه المناسبة فإن تجربة مصر، وسياستها مع الأزمة السودانية تستحق أن يأخذ منها الجميع الدروس، والعبر، وعلى الأخص الأوروبيون فى تعاملهم مع إفريقيا بعد الأزمات الأخيرة!!
