السادات.. عبقرية المصريين «2»

الأحد 23 من ربيع الأول 1445 هــ
العدد 49979
لقد استطاعت عبقرية الرئيس الراحل أنور السادات، رحمه الله، أن تجتاز الصعاب، والمشكلات المتراكمة، وقلة الإمكانات، ولهذا فإن الإسرائيليين وصفوه بـ «ثعلب الحرب والسلام»، وقد اعترف إيلى زعيرا، رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر، بأنه قد هُزم أمام السادات، وأن بلاده واجهت إخفاقا استخباراتيا كبيرا لجيشها، وأنه واجه أكبر عملية تضليل فى تاريخ الحروب الحديثة نفذتها مصر بإتقان مذهل، ودهاء شديد.إذن، نحن أمام رجل سياسة من طراز فريد اسمه السادات، وصاحب القوة الخارقة فى نصر أكتوبر 1973، والتى صنعت سلاما، وفتحت أمام الشرق الأوسط طريقا إستراتيجيا للمستقبل كان مغلقا على صراع أبدى، فقد استطاع السادات، وجيشه الباسل أن يحارب إسرائيل التى وراءها أمريكا، فى وقت لم يكن الثقل العالمى فى مصلحته تماما، وقد عالج إخفاقات الماضى، وعلا بقدراته إلى النصر الغالى، وتلك عبقرية الإنسان المصرى التى لم تضق بالدنيا، وأزماتها، كما لم تحاصر الصعوبات فكره، ونبوغه، ولذلك تألق فى أساليب العبور، واندفاع الجنود، والمياه التى حطمت جيش العدو، وخلفه خط بارليف المنيع، وجعل قناة السويس حائط وصل لا حائط صد بتكنولوجيا مصرية غير مكلفة، وإعداد جيد تخطى الصعاب لتحقيق الهدف. كما استطاع السادات بعبقرية ٦ أكتوبر أن يثبت نبوغه السياسى من خلال أجندته للتحرك دوليا، وإقليميا، وعالميا، ولهذا حتى حينما اُستشهد ظل أكتوبر محفورا بعبوره من الجبهة الجنوبية، وفى اللحظة نفسها القوات الجوية شلت كل المراكز الحيوية على طول القناة، وجنودنا فى مياه القنال تقلهم القوارب المطاطية، ويتحركون نحو لهيب النيران (الشاطئ الشرقى للقناة)، وبعد ذلك بدأت عملية لعب الكبار بواسطة سلاح المهندسين لتعبر عن مصر الشجاعة قائدا، وجيشا، وشعبا.
نحن الآن نتذكر عملية السلام المباغتة التى أدارها الرئيس السادات بذكاء، وذلك عندما توجه للقدس فدخلت إسرائيل فى مرحلة الارتباك، وهذه أقوى من كل الهزائم، فالسادات، رحمه الله، كان يعرف أن حصولك على جزء من مطالبك أجدى من الجمود، أو ضياعها، وأنه سيصل بك، وشعبك إلى كل حقوقك، وهذا ما حدث.
