التيه.. فى أزمة «الطوفان»!

الخميس 27 من ربيع الأول 1445 هــ
العدد 49983
من الخطأ أن نصدر أحكاما، أو نتائج حاسمة، وسريعة عن الأحداث الساخنة مع التطور المذهل الذى نجم فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بعد الهجوم المباغت لفصائل المقاومة على مستوطنات إسرائيلية فى غلاف غزة، فالنتائج لهذا التطورغير المسبوق تتفاعل على الأرض، ولكن الذى نستطيع رصده أن إسرائيل تهتز، وتضارب تصريحات بنيامين نيتانياهو، رئيس الحكومة، بين عملية رد سريع ودعوات لاجتماع مجلس الوزراء، وتأليف حكومة جديدة للطوارئ فى إسرائيل.
إن كل التطورات ترافق هذا المشهد، ولعلنا نلمس أنه مع الإخفاق الإسرائيلى، خاصة الاستخباراتى، فى معرفة حجم الموقف بدقة فى غزة، وغلافها، والمشهد العسكرى الجديد الذى نقل المعركة، لأول مرة فى تاريخ الصراع، من الأراضى الفلسطينية إلى قلب الأراضى الإسرائيلية، والاحترافية التى بدت من المهاجمين فى اختراق الدفاعات الإسرائيلية- هى ما أدت إلى حالة التيه الإسرائيلى المفزع، فلم تعد الثقة مفرطة فى تكنولوجيا الدفاع عن النفس، أو القبة الحديدية، أو «مقلاع داود».. أو غيرهما من الأسلحة الحديثة، التى كانوا يحدثوننا عنها، وأنهم يعرفون ما يدور فى غزة، وفى الأراضى الفلسطينية كلها، لأنهم يملكون الذراع المخابراتية الطويلة، أو الاختراق للفلسطينيين الذين يعملون لديهم فى الأراضى المحتلة، فكل هذا تبخر. أما حالة حرب الطيران، وتدمير غزة، فليست جديدة على الأشقاء، وهى تؤكد حالة «التيه» الإسرائيلية الجديدة، لكن عربيا هناك وضوح رؤية تام لما يحدث، والمصريون حذروا من مخطط تصفية الأراضى الفلسطينية من سكانها، وأوضحوا أن حكومة الاحتلال تجبر الفلسطينيين على الاختيار بين الموت تحت القصف، أو النزوح خارج أراضيهم، وجاءت من دول الخليج، وتحديدا السعودية، رسالة واضحة من أن الانسداد السياسى هو وراء ما يحدث فى غزة.
أعتقد أن كل المواقف تشير إلى أن «طوفان الأقصى» يدفع نحو المبادرة العربية، وأنه لا حل دون دولة فلسطينية مستقلة، وهو الصوت الذى يجب أن يعلو فى المرحلة المقبلة حتى تسمعه إسرائيل، وأمريكا، ودول الغرب الأوروبى، وهذا هو مغزى «الطوفان» الذى لن يخرج عن هذا السياق، وكفى تدليلا للتطرف، والعنف، والغباء فى إسرائيل.
