رسالة بابيه..!

السبت 3 من جمادي الآخرة 1445 هــ
العدد 50048
إذا كان الرئيس الأمريكى جو بايدن تخلى عن القيم الأخلاقية الغربية، وعجز عن شرح قناعاته للإسرائيليين، وأرسل إلى رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو، وزمرته: «اسمحوا لى..هؤلاء ليسوا أعضاء حكومة، ولكنهم تسلطوا على إسرائيل كلها، وفرضوا عليها واقعا وقيما جديدة، ويمنعونها اليوم عن استكمال مهمتها، بل يسيئون إلى كل الإسرائيليين، واليهود فى العالم أجمع، حيث الأمريكيون لا يقدرون على أن يلجموا نيتانياهو وبن غفير وسموتريش، فهل نتركهم لكى يتعاملوا مع حماس وغيرها، ويغرقون الشرق الأوسط كله بأحمال لا تُطاق.. لن تدفعها إسرائيل وحدها، وإنما المنطقة ككل».فإننى لم أجد أفضل من رسالة المؤرخ الإسرائيلى إيلان بابيه التى أرسلها من منفاه الاختيارى، والذى يمثل المؤرخين الجدد فى إسرائيل، وهو مولود فى حيفا ١٩٥٤ لأبوين يهوديين من أصول ألمانية هربا من الملاحقة النازية لليهود خلال ثلاثينات القرن العشرين، وتم تجنيده فى الجيش الإسرائيلى، وحارب مع إسرائيل فى أكتوبر ١٩٧٣، وغادر إلى بريطانيا ٢٠٠٧ بعدما تم التضييق عليه، وتهديده بشكل يومى بسبب مواقفه المناصرة للفلسطينيين.
يقول بابيه، فى الرسالة التى ننشر مقتطفات منها، «ليس من السهل دائما أن تتمسك ببوصلتك الأخلاقية عندما يتوقع المجتمع الذى تنتمى إليه منك أن تشاركه نفس الغضب الذى تفاعل به مع أحداث ٧ أكتوبر (أحداث السبت)- هناك طريقة واحدة فقط لمقاومة إغراء الانضمام إليه: إذا فهمت فى مرحلة ما من حياتك – حتى كمواطن يهودى فى إسرائيل – الطبيعة الاستعمارية الاستيطانية للصهيونية، وشعرت بالرعب من سياساتها ضد سكان فلسطين الأصليين.. هذه البوصلة الأخلاقية هى التى قادتنى -يقول بابيه – وآخرين فى مجتمعنا للوقوف بجانب الفلسطينيين، والإعجاب بشجاعتهم فى مواجهة الاحتلال الغاشم».ويمضى هذا الرجل الشجاع فى رسالته إلى أهله ليجعل الكثير من الناس يعرف أنه منذ يونيو ١٩٦٧ تم سجن مليون فلسطينى مرة واحدة على الأقل فى حياتهم، ومع السجن تأتى الانتهاكات، والتعذيب، ويدركون الواقع المؤلم، والمروع الذى خلّفته إسرائيل فى قطاع غزة، وأن هذا العنف ليس ظاهرة جديدة، فهو الوجه الدائم للصهيونية منذ قيام إسرائيل فى ١٩٤٨.
