
الثلاثاء 7 من رجب 1446 هــ
العدد 50436
«المجد لله فى الأعالى، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة».. هذه المعانى العميقة الواردة فى قصة الميلاد تحثنا على أن نكون جزءًا من هذه الرسالة، فكما كان السيد المسيح صانعَ سلامٍ، يدعونا أيضًا لنكون صناع سلام «طُوبَى لِصَانِعِى السلاَمِ»- (إنجيل متى 5: 9)، وهذا السلام يُؤسس على المحبة لكل الناس بصرف النظر عن انتماءاتهم، أو معتقداتهم، وقد مثلت حياة السيد المسيح، وتعاليمه تجسيدًا حيا للمحبة، إذ أوصانا بمحبة الجميع حتى الأعداء: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ»- (إنجيل متى 5: 44).
لقد كان ميلاد السيد المسيح محطة من المحطات التى غيرت مسار التاريخ الذى كان فى عصره متجها نحو المزيد من الظلم، والظلام، فكان ميلاده المعجزة إيذانا ببداية مرحلة جديدة فى تاريخ البشرية، تنطلق من المحبة، والحرية، والعدالة، لذا يُعد أحد أعظم الأحداث التى شهدتها البشرية على مر العصور، هذا الميلاد الذى غير مسار التاريخ، وأثر فى قلوب، وعقول الملايين، ليس فقط فى المسيحية، بل الإنسانية جمعاء، فالمسيح رمز للسلام، والمحبة، والتسامح، وقبول الآخر، وأفكاره استهدفت تجديد الروحانية، وبث الأمل فى قلوب البشر، وقد كان ميلاده رسالة من السماء، فمنذ ولادته فى بيت لحم جسد المسيح معانى التواضع، والسلام، حيث اختار الله أن يُولد فى مذود بسيط بدلًا من قصر فخم، وقد جاءت رسالته لتؤكد أهمية المحبة بين الناس، بغض النظر عن انتماءاتهم، أو أعراقهم.
لكل ما سبق، فإن عيد الميلاد هو عيد للمصريين خصوصا، والبشرية عموما، حيث ترفرف، وتعم بهجته على النفوس، ويقتحم البيوت، فيلقى عليها برداء الفرحة التى تكتسى بيوت المسيحيين المصريين، والذى يُعرف باسم «العيد الصغير»، كما هو حال تسمية عيد الفطر عند المسلمين المصريين، فالكثير من العادات الاجتماعية وحدت المصريين، فعند استعراض مظاهر الاحتفال عند أى مصرى بأى عيد ستجدها تكاد تكون واحدة، حيث تذوب بعض الفروق فى بحر من المتشابهات، ولذلك عندما تدخل بيتا مسيحيا فى عيد الميلاد ستجد نفسك تعيش تفاصيل احتفال مصرية صميمة وواحدة بالبهجة، فكل عام، وكل المصريين مسيحيين ومسلمين بألف خير.
