غزة.. شُرفة على المتوسط

الأحد 19 من رجب 1446 هــ
العدد 50448
اليوم هو الأول بعد توقف أطول فترات العدوان البشع فى التاريخ الإنسانى ضد أهل غزة (أكثر من عام ــ 15 شهرا كاملة)، وفى هذا الإطار فإننى أثمن عاليا التحرك المصرى الإيجابى، والسريع، والمباشر بسرعة إغاثة غزة، وأهلها بأطول طابور، وأضخم شاحنات لا تتوقف عند معبر رفح بعد إعادته، وهو بمثابة شريان نقل دماء للحفاظ على الجسم الفلسطينى، ولكى تصل كل احتياجات السكان لاستمرار الحياة، وعودة الروح للقطاع المهدم، كما أرفع للدولة المصرية ورئيسها عبدالفتاح السيسى كل أيادى الدعاء لسرعة طلبها إعادة تعمير غزة، ودعوتها الشرق والغرب، خاصة الأشقاء العرب، بل العالم كله، لهذه المهمة الغالية، لتعويض ما يقرب من 2٫5 مليون فلسطينى مما ألم بهم، وهو خطر جسيم، وليشعروا بأن الحياة مستمرة، وأن أهلهم يشعرون بهم، ولم يتوقفوا يوما عن منع هذا العدوان، واستمراره، والحفاظ على بقائهم على أرضهم بلا طرد أو تهجير، ولعلنا منذ الدقيقة الأولى عرفنا أن الهدف هو هدم غزة، وتهجير أهلها، وطردهم منها، لتكمل إسرائيل إعادة احتلالها، واستيطانها، وإذا كان من هدف تحقق من هذه الحرب الملعونة فهو الفشل الكامل للعدوان فى الإجهاز على الفلسطينيين، وإبادتهم بعد هدم المدينة والقطاع. يجب إعادة الحياة لغزة، أحد أقدم المدن التى عرفها العالم، بل شُرفة فلسطين والعرب على البحر المتوسط، فهى السهل الجنوبى (360 كيلومترا مربعا)، والمتنفس الوحيد لغزة وفلسطين هو البحر المتوسط، كما أعتقد أن إعادة إعمار غزة ستكون رسالة عربية لإسرائيل والعالم أن العرب متمسكون بفلسطين، وأن غزة لها من اسمها نصيب، فهى المنعة، والثروة، بل هى الغزة للعرب، وأن تكون رحلة كل العرب لغزة دائما، فقد كانت، وسوف تظل، تمثل إحدى الرحلتين اللتين وردتا فى القرآن الكريم بسورة «قريش»(رحلة الشتاء والصيف)، حيث الشتاء إلى اليمن، والصيف إلى غزة، ومشارف الشام. وأخيرا، فإن الحرب الأخيرة التى بدأت أول أيام نهايتها اليوم أصبحت رسالة قوية للعرب جميعا، وليس للفلسطينيين وحدهم، أنه لن تكون أمورنا وسياساتنا نحو القضية الفلسطينية بعد هذه الحرب كما قبلها، وسيؤرخ لهذه الحرب أنها أنهت مرحلة عصيبة فى تاريخ العرب والفلسطينيين.
