التصريحات.. والهفوات!

الأربعاء 13 من شعبان 1446 هــ
العدد 50472
يريدون منا ألا نسمع ما يقوله ترامب، ونيتانياهو، فالأول يقول ولا يعنى ما يقول، وعلينا أن نرى أفعاله، والثانى يسعى إلى تقليد ترامب، ولعل ذلك كان واضحا فى تصريحه عن السعودية، والقضية الفلسطينية، أو ما سماه المعلقون الإسرائيليون «مزحة» لا يقصدها نيتانياهو عندما تكلم عن السعودية «عليها إذا كانت تريد الدولة الفلسطينية أن تأخذها عندها»!. أعتقد أنه لا يمكن لأى إنسان عاقل أن يستقبل مثل هذا التصريح من دون رد فعل قوى ضد قائله لكى يفوق، أو اعتباره أساس الدعابة، كما حاول المعلقون الإسرائيليون تبريره (نحن أمام سياسة لا هزل)!، وإذا كنا نتطلع إلى أفق سياسى يستوعب أهوال، وأحداث الحرب الطويلة فى غزة 15 شهرا، ومازالت هدنتها هشة، وتتعرض للاهتزاز من هنا وهناك – فقد أصبحنا بعد هذه التصريحات نبحث عن الأفق العاقل نفسه مثل السياسة، وما نجده هو الاستهانة، والتقليل من شأن السياسات، والمواقف السعودية الواضحة، كما أنه ضرب بحقوق الشعوب، وإهدار للقضية الفلسطينية «الأم» للمنطقة كلها، وإذا كان كُتب علينا فى هذه الفترة الصعبة، والدقيقة أن نستقبل تصريحات مجانية، أو منفلتة، كما سمتها الخارجية المصرية، فإننا يجب أن نأخذها على محمل الجد، وأن نرد عليها فورا بما يحمل تصحيحا للمفاهيم، وتذكيرا للغافل، أو المتغافل عما يقول، فنحن فى موضع الجد لا الهزل، لأن تصريحات ترامب التى حولت قضايا تقرير المصير إلى عمليات شراء أراضٍ، أو تحويلها إلى ريفييرات، أو مناطق سياحية- هزت العالم، بل أحدثت فى الأراضى المحتلة مخاوف جمة مما ينتظر المصير الفلسطينى على أيدى حكام العصر الذين يتجاهلون تاريخا طويلا من الكفاح، والسياسة، ويحولونها إلى عقارات، وبيع، وشراء كما لو أنها أراض لم تجر فى ربوعها دماء، وضحايا حقوقها غير قابلة للتصرف. وأخيرا، فإن التصريحات هى بمثابة بالونات اختبار يطلقها المتطرفون، وملاحقتها حتمية لأنها بدايات المواجهة، وأعتقد أن الخارجية المصرية، والمسئولين عموما فى مصر يعون هذه التطورات، ولن يتركوها، ويجب علينا أن نأخذ كل كلمة، بل كل هفوة، ونفندها أمام الرأى العام المحلى، والإقليمى، والعالمى، لنكشف أصحابها، ويعرف العالم من هم السفهاء، ومن يعملون.
