الرقصة الأخيرة لنيتانياهو..!

الأثنين 22 من رمضان 1445 هــ
العدد 50155
إذا تعمقنا أكثر فى فهم ماهية حرب الإبادة التى يشنها الاحتلال على غزة فسنجد أنه لم يكن أمام بنيامين نيتانياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، سبيل لتحقيق هدفه إلا بالسيطرة الكاملة على الحكومة، فارتبط تصعيد الحرب على القطاع بقراراته التى تهدف إلى تعزيز سلطاته، ودعم سيطرته السياسية، والعسكرية، بما فى ذلك تعزيز مواقف اليمين المتطرف فى حكومته، لذلك فإن الهجمات الإسرائيلية على غزة ليست مجرد ردود فعل عسكرية، بل هى جزء من إستراتيجية سياسية هدفها تعزيز سلطة نيتانياهو بشكل نهائى، ومعه طبعا اليمين المتطرف، مع تجاهل أى التزامات سابقة، أو أى أزمات مستقبلية، وارتباطا بما سبق، فإن حكومة نيتانياهو تواجه واحدة من أكثر الفترات اضطرابا فى تاريخ الحكومات الإسرائيلية، حيث تعانى احتجاجات داخلية حادة، وخلافات بين الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى الضغوط السياسية، والدبلوماسية المتعلقة بالحرب على غزة. لقد قام نيتانياهو، منذ هجمات المقاومة الفلسطينية فى السابع من أكتوبر، بإعادة ترتيب قيادة الأمن الداخلى الإسرائيلى، من تغييرات، وإقالات، واستقالات، ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحا حول مدى نجاح هذه الإستراتيجية على المدى البعيد، وما إذا كانت ستؤدى بالفعل إلى تعزيز موقفه السياسى، أم أن التكاليف العسكرية والسياسية ستتجاوز الفوائد المتوقعة، مما قد يؤدى إلى تآكل دعم الشارع الإسرائيلى له بدلا من تحقيق أهدافه السياسية. لذلك، فإن أقل ما يقال عن استئناف نيتانياهو حربه الشعواء ضد أبناء غزة أنه أشبه برقصته الأخيرة، فرئيس الوزراء الإسرائيلى يعانى ضغوطا داخلية جبارة، ويحاول الآن بكل الطرق القفز على هذه الضغوط بالهروب إلى الأمام، واستئناف العدوان، لكنه لا ينتبه إلى أن كل إنجازاته الميدانية التى حققها، حسب تصوره، ستدفع إسرائيل ثمنها أضعافا مضاعفة فى صورة انقسامات اجتماعية، وجروح لن تندمل، وستخيب ظنونه بأن الحرب سوف تعالج الجروح الغائرة فى المجتمع، بل على العكس تماما ستزداد الجروح عمقا، وسينقلب السحر على الساحر، حيث تعانى إسرائيل تفاقم الخلافات الداخلية، وانقسامات عنيفة نتيجة استبداد نيتانياهو بالقرار، ومحاولة التيارات اليمينية الراديكالية السيطرة على مفاصل الدولة، مما أدى إلى هجوم حاد شنته المعارضة على نيتانياهو، خاصة عقب قراره إقالة رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، ودعوتها إلى تنظيم مظاهرات احتجاجية ضده، متهمة إياه بتحويل إسرائيل إلى «ديكتاتورية».
