ما بعد الإصلاحات الاقتصادية

الأحد 29 من شعبان 1445 هــ
العدد 50133
قرار تحرير سعر الصرف جاء فى وقته تماما، لأنه تزامن مع الاتفاق الجديد مع صندوق النقد، ومع إتمام أكبر صفقة استثمار مع الإماراتيين فى منطقة «رأس الحكمة» بمحافظة مرسى مطروح، ومع تطورات تعاقبت لتعلن للمصريين، والمنطقة، والعالم من حولنا، أن مصر تتحرك بقوة نحو إنهاء أزمتها الاقتصادية التى ارتبطت بشكل كبير بنقص موارد النقد الأجنبى (الدولارية). لقد كان لوجود فجوة سعرية بين السعر الرسمى والموازى تأثيره الكبير على مجمل الأوضاع الاقتصادية، وتسعير كل السلع، والخدمات، وإتمام التحركات الاقتصادية الأخيرة أثبت للجميع أهمية مصر الاقتصادية، سواء فى محيطها الإقليمى، أو على المستوى العالمى، فالصفقة الإماراتية إشارة ضمنية إلى ما تحظى به مصر من جاذبية استثمارية، ومن احترام، وموثوقية لدى أشقائنا العرب، فقد سارعوا إلى إتمام الصفقة الاستثمارية، وحولوا قيمتها إلى البنك المركزى فى تعبير عن الدعم، والمساندة للاقتصاد المصرى، ولا يخفى على أحد أن قدرة البنك المركزى على سداد التزاماته، والإيفاء باحتياجات المستوردين كان لها مفعول سحرى على السوق الموازية، أو السوداء، التى انكمشت، وتكاد تدريجيا تتضاءل، وأن ازدواجية السعرين ستكون خلال الأيام المقبلة من الماضى، ولن تكون من المستقبل أبدا، ولكن على الجميع أن يتمسك بما حققته هذه اللحظة من تطورات إيجابية فى مستقبل مصر الاقتصادى، فهو ليس مسئولية الحكومة وحدها، وإنما يجب التكاتف، والتعاضد على كل المستويات لدعم برنامج مصر للإصلاح الاقتصادى، والأهم بالنسبة لنا المصريين العاملين بالخارج (أكثر من ١٤ مليون مصرى) الذين ينتجون العملة الصعبة، ويحولون سنويا ما يقرب من ٣٥ مليار دولار، وهذا يعتبر رقما صعبا يجب أن يتم عبر المصارف الرسمية، فالسعر الذى يتداول به الدولار فى مصر أكثر من مجز، وعلى الحكومة أن تحافظ على هذه التحويلات عبر المصارف الطبيعية. أعتقد أن مصر خطت خطوات شجاعة نحو إصلاحات جريئة وجدت تشجيعا إقليميا، وعالميا، ولكن الأهم لنا أن يكون هناك تعاون وطنى بين الجميع رجال أعمال، ومستهلكين، ومدخرين، لأننا وضعنا أقدامنا على طريق المستقبل، ويجب ألا تفوتنا الفرصة حتى تخطو مصر التى نأملها بقوة، وثبات.
