2024حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

عيد سعيد..!

الخميس 2 من شوال 1445 هــ
العدد 50165
«عيد سعيد» كلمتان بسيطتان، لكنهما أمنيتان حقيقيتان، ومهما تكن الأحداث تظل للعيد فرحة، ولربما لم يأت عيد على المسلمين، ومنطقتنا ككل، فى العقود الأخيرة، أصعب من هذا العيد، حيث صورة ما حدث فى غزة خلال الشهور الستة الماضية ماثلة أمام الجميع، لكن العيد هو الحياة الجديدة، وأن تعود فلسطين آمنة، وأن نرى المجرمين الذين قتلوا الأطفال، والنساء، والشيوخ، والمرضى، وذوى الاحتياجات يُحاكمون، وأن نسمع صوت العالم من جديد يحمى الضعفاء، ويمنع الحروب، ويقف مع الأبرياء الذين أُبيدوا بلا سبب، أو جريرة إلا الكراهية العمياء، وأمنيتى أن تعود الأيام بالفرحة، وأن يظل العيد مهرجانا عاطفيا، وأرقى ما يمكن أن يغسل الروح، ويقدمنا فى بياض يليق بفطرتنا.

لكن لقراءة معنى العيد فى نفوس الناس، ومشاعرهم، التى تتراوح هبوطا وصعودا تبعا لمحتويات الذاكرة، علينا أن نتذكر أن العيد منحة ربانية، وزمن قصير، وضاحك.. يفرضه الدين على الناس ليكون لهم بين الحين والحين يوما طبيعيا فى هذه الحياة التى حادت عن طبيعتها يمارسون فيه طفولتهم ليسعدوا أنفسهم، ومن حولهم، أو هو لغة حب، أو بهجة، أو نقطة تحول فى الحياة (جائزة الصيام)، وقبلة على يد أم وأب، ولكن يبقى العيد لهذه الأمة هو يوم الشعور الواحد فى نفوس الجميع، والكلمة الواحدة على ألسنة الجميع، وتعليم الأمة كيف تتسع روح الجوار، وتمتد حتى ترجع الأمة العظيمة، وكأنها لأهلها دار واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملى، وتظهر فضيلة الإخلاص للجميع.

وأخيرا، فإن فلسفة العيد، كما يقرها الإسلام، تكمن فى أن يفرح الإنسان مهما تكن ظروف الحياة صعبة، وقاسية، ومهما يكن واقع الأمة مريرا، فدور العيد فى فلسفة الإسلام أن يُحيِى فى الإنسان رغبة الحياة، ويجددها، وأن تحضر أمامه صورة الحياة لا الموت، وأن يوجه حركة الزمن نحو المستقبل، فإنجازنا عيد، وولادتنا عيد، وتخطينا المحن عيد، وإحياء التواريخ ذات الصلة بقيمنا أعياد، فلهذه المعانى من أجلها فُرض العيد فى الإسلام ليستخرج أهل كل زمن المعانى من زمنهم فيضيفوا إلى المُثل أمثلة مما يبدعه نشاط هذه الأمة.. وعيد سعيد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى