صحافتنا وعيدها العالمى

الثلاثاء 28 من شوال 1445 هــ
العدد 50191
طاردنى نقباء الصحفيين الذين عملت معهم عضوا فى مجالسهم عبر العقود الخمسة الماضية (صلاح جلال، وإبراهيم نافع، ومكرم محمد أحمد- رحمهم الله) لكى أحتفل- ولا أنسى، أو أتجاهل- ولو بكلمة صغيرة فى هذا العمود، باليوم العالمى للصحافة (٣-٤ مايو من كل عام)، خاصة أنه عيد إفريقى وأصبح عالميا إحياء لذكرى إعلان ويندهوك التاريخى، كما أن الاتحاد الدولى للصحفيين، الذى كنت فى مجالسه ممثلا لنقابتنا سنوات طويلة، رشح هذا العام نقابة الصحفيين الفلسطينيين لنيل جائزة اليونيسكو (جييرموكانو) العالمية تكريما لشهدائها، وتضحياتهم فى هذا العالم القاسى، وهو ما يؤيده، ويعضده، كل إنسان شريف فى عالمنا الآن الذى شهد رقما قياسيا لشهداء الصحافة (أكثر من 150 صحفيا) الذين سقطوا خلال 7 أشهر من حرب الاحتلال الإسرائيلى على غزة، حيث لم يسقط هذا العدد فى الحربين العالميتين الأولى والثانية. لقد نقل هؤلاء الصحفيون الشرفاء صورة الحرب الإسرائيلية المدمرة، والبشعة، والأكثر قسوة، وكراهية فى تاريخ الإنسان، عبر الشاشات، والصحف، للعالم كله، فهؤلاء الشجعان هم من غيَّروا سردية إسرائيل الكاذبة عن الحمل الوديع الذى يعيش فى الشرق الأوسط بين المفترسين العرب، والمسلمين، لأن هذا الحمل الوديع هو الفك المفترس الذى يقتل الأبرياء من الأطفال، والنساء، والشيوخ، والمرضى، وذوى الاحتياجات، ثم يهدم المبانى، والمستشفيات، باختصار هو يقف ضد الحياة وأهلها، كما غير هؤلاء الصحفيون العالم، وجعلوا فلسطين قضية القضايا، والفلسطينى المظلوم فوق الجميع، حيث الجميع يهتف بحقه، وإذا كان هناك منتصر فى هذه الحرب البشعة فهم الراحلون الأبرياء، فتلك هى الحقيقة، والتاريخ الحقيقى الذى حاولت إسرائيل طمسه، وإخفاءه عن العالم، وقد جاءت حرب الاحتلال لتُعرِّى كل المجرمين الإسرائيليين بزعامة نيتانياهو، وقد أكدت الصحافة والإعلام قدرتهما الفذة على كشف الحقيقة، فغيرا العالم، وسطرا الحقائق أمامه. أعتقد أن العالم، فى ظل الإعلام المفتوح، والرقمى، فى حاجة إلى تضحيات الصحفيين المحترفين، الذين يملكون تقديم الحقيقة للناس ليعيشوا فى النور، ويكشفوا وجه الظلام الذى يفرضه الأقوياء على الضعفاء، وختاما تحية ملؤها الحب لأرواح شهداء الصحافة، والباحثين عن الحقيقة من أجل عالم أفضل، وأكثر عدالة للجميع.
