مفاجأة لندن وطهران!

الأثنين 2 من محرم 1446 هــ
العدد 50253
بينما العالم مشغول بمبارزة ترامب وبايدن، وتداعيات المناظرة، ومصير الحزب الديمقراطى، ومستقبل النظام الديمقراطى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وظهور، وصعود اليمين المتطرف فى فرنسا، وتقهقر ماكرون والوسطيين هناك- تجىء المفاجأة الانتخابية من طهران بعد فوز «الإصلاحيين» المُدوى، وصعود مرشحهم مسعود بزشكيان إلى منصب الرئيس الإيرانى، خليفًة لإبراهيم رئيسى الذى تُوفى فى حادث الطائرة المنكوبة، وهو المرشح الذى توقع الجميع سقوطه أمام صقور المحافظين الأربعة الذين نافسوه، وهم يمثلون التيار الذى يحكم إيران منذ قيام الثورة الإسلامية.

إن منصب الرئيس فى إيران قد يكون صاحب الدور الثانى، وقد يكون تحت إمرة المرشد، لكنه مؤثر فى مسار الحكم بالجمهورية الإسلامية، فهو متحكم فى الجيش، والأمن القومى، كما أن كثيرين، أو أكثر من نصف الشعب لم يذهبوا لانتخاب رئيس إيران، لأنهم ربما يكونون محبطين، أو يائسين من فوز بزشكيان، ولكن المفاجأة حدثت، برغم أن الانتخابات الإيرانية معقدة جدا، ولا تسمح بتمرير رئيس لا يرضى عنه «قوة الثورة الإسلامية»، أو «المرشد»، ولكن يبدو أن الأزمات فى إيران، ومنطقة الشرق الأوسط فرضت هذا التغيير الدرامى فى الحكم بطهران، فبزشكيان الذى رفضته هيئة تشخيص النظام فى عام 2021 مرشحا أصبح رئيسا لإيران فى سنة 2024، وقد يكون ذلك رسالة إيرانية قوية للعالم، أو إقليمنا أنهم يبحثون عن حل للمشكلات المستعصية معهما.

كما أن ما حدث فى بريطانيا عندما سقط «المحافظين» أمام «العمال» سقوطا دراميا فإن ذلك لا يحدث دائما فى الطبيعى، ولكن فى الأفلام فقط، حيث إن البريطانيين يستبقون الأمريكيين، والأوروبيين، ويختارون كير ستارمر «العمالى» الذى راهن على تغيير حزبه، ونجح إلى حد كبير فى منع المتشددين اليساريين الاشتراكيين من الترشح فى الانتخابات، واكتسح «العمال»، وخسر «المحافظين» كل شىء، حيث يبدو أن البريطانيين يحملون «المحافظين» أخطاء كثيرة، أهمها خروجهم من الاتحاد الأوروبى، وارتماؤهم فى أحضان الأمريكيين، وعودة «العمال» بعد 14 عاما بهذا الأسلوب تُعد مفاجأة سياسية من العيار الثقيل لا تقل عن نظيرتها فى إيران التى فاز فيها رئيس «إصلاحى».