النزوح..! «2»

الخميس 30 من ربيع الأول 1446 هــ
العدد 50340
أيام قلائل وتختم، وتمر سنة على أطول حرب على مدينة، وأهل غزة من قبل أكبر دولة احتلال عسكرية (إسرائيل) مدعومة أمريكيا، ومن حلفائها فى أوروبا، وها نحن نراها فى الشهر الماضى (سبتمبر)، وخلال 20 يوما، هزت أركان لبنان بانفجارات أجهزة الاتصال، ولم تنتهِ باغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، وأركان حزبه، بالضاحية الجنوبية فى السابع والعشرين من سبتمبر، ثم توالت الاغتيالات، والانفجارات فى ضاحية بيروت، والملايين يفترشون الشوارع، والآخرون ينامون فى سياراتهم.
إن قصة، وقضية اليوم ليست مختلفة، أو مختلقة، بل ممتدة، ومتوالية هندسية، وليست عددية فقط، وحزب الله انكسر رأسه، واهتز عموده الفقرى، وملايين المهاجرين بلا مأوى، وبلا مستقبل، ولم يتخذ أحد قرارا، فهم فى حزب بلا هيكل، أو دولة بلا رأس، وحكومتها انتقالية، كما أن المشاهد الكارثية فى لبنان مؤلمة، والدولة تعانى أزمة اقتصادية كاملة، فماذا عليها؟.. وكيف ستصبح وهى فى حالة حرب همجية مع قوة عسكرية تكنولوجية لا تعرف القوانين الدولية، ولا تحترم أى حقوق للإنسان، وتضرب بحياة الناس عُرض الحائط،، وتضرب بلا قواعد، وبلا قوانين، ويكفى أن الصور القادمة من لبنان لا نستطيع أن نتخيلها، بعد أن تخيلنا أن قوة ردع حزب الله قادرة على حماية لبنان، أو إخافة إسرائيل، فإذا بالأخيرة تضرب الرأس، وتصطاد الباقين بالبيجر.
أعتقد أن الموت، والنزوح حدث غير عادى، والتدمير الشامل من قبل الاحتلال الإسرائيلى للبنى التحتية، والمدارس، والمستشفيات تجريد للمجتمعات من الأمل والمستقبل، ورغم هذا البعد الكارثى فإن الأسوأ يبدو أنه لم يأتِ بعد، ولكن الصورة الأخيرة للبنان تقول إنها مهددة بتغيير بنيتها السياسية لأول مرة منذ اتفاق “الطائف” الذى أنهى حربا أهلية عام 1989، لأنه لا حزب الله قادر على مواجهة إسرائيل، ولا الأخيرة قادرة على القضاء عليه نهائيا، واحتمالات “الحرب الشاملة” التى سوف تشتعل غير متراجعة، وإذا حدثت فلا يعلم نهايتها إلا الله الذى أسأله أن يهب العالم الإلهام، ولبنان حكومة قادرة على الدبلوماسية والتفاوض، والمنطقة العربية القوة، والحكمة، والاتحاد لإنقاذ الملايين من الضياع.
