حماية التراث العربى

السبت 5 من جمادي الآخرة 1446 هــ
العدد 50405
تخوض مدننا العربية كافة معارك مستمرة لحفظ تراثها، خاصة الفلسطينية والسورية واللبنانية، وحقها فى استخدامه، ومعارك أخرى ضد أعداء الحياة الذين يريدون أن يطمسوا تراثنا المادى، وغير المادى، بل يسرقوه، وينسبوه إلى حضارتهم، وثقافتهم، ولذلك شعرت باطمئنان وسعادة عندما نجحنا أخيرا فى تسجيل عدد من المنتجات المهمة بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وهى «الحنة، والصابون النابلسى، وصابون الغار الحلبى» فى وقت الأزمات الصعبة التى تعيشها مدن هذه السلع الثقافية الرائعة، وهى كلها من التراث العربى قبل أن تسبقنا دولة الاحتلال الإسرائيلى، أو غيرها، كما حدث ويحدث فى منتجات غيرها، وعلى سبيل المثال الطعمية، والفلافل، والكثير من الأكلات الشعبية المشهورة فى مصر والعالم العربى، حيث وضعتها دول كثيرة على تراثها لحمايتها. أعتقد أن تسجيل الحنة، أو الحناء، عمل رائع وذلك قبل أن يسرقوها هى الأخرى كما يسرقون المدن، ويسلبون أبناءنا حق الحياة، وهى نبتة خضراء يتم تجفيفها، وطحنها فى معظم مدننا العربية، ثم إعدادها للاستخدام فى رسم نقوش على الوجه واليدين وأماكن مختلفة من الجسد، خاصة فى المناسبات الاجتماعية التى تسبق حفلات الزفاف، ولعلنا نشير إلى «التاتو» الذى أصبح منتشرا فى كل دول العالم، والجميع يشيرون إلى حقوقهم فيه، وهو مقتبس من فكرة الحنة، باعتبارها ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته حتى وفاته، وهى تعود إلى مصر القديمة، وأصبح لها طقوس، ومن حسن الطالع أن ترافق مع تسجيل «الحنة» تسجيل الصابون النابلسى، وصابون «الغار الحلبى»، ويعود تصنيع الصابون النابلسى إلى أكثر من 1000 عام، ويتركز فى مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، ويعد حرفة تتوارثها الأجيال والعائلات الفلسطينية فى معظم مدن الضفة الغربية، خاصة مع موسم قطف ثمار الزيتون، أما مدينة حلب الشهباء السورية فقد سجلت هى الأخرى منتجا مميزا (صابون الغار الحلبى) باسمها، سفير بلاده إلى العالمية.
وختاما، فإن المعركة الثقافية، وحماية التراث العربى، المادى وغير المادى، سلاح مهم لحفظ حقوقنا أمام الأعداء، ومواجهة القوى المتربصة بنا التى تريد أن تسلبنا، وتطمس هويتنا الثقافية، والحضارية المميزة، والضاربة جذورها فى أعماق التاريخ بمنطقتنا العربية، خاصة فى أزمات الحروب، والاضطرابات.
